مكذوبة عليه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، ولا أصل لها في واقع التشريع ، ويكذبها القرآن الكريم ، وتشن السنة المطهرة ـ نفسها ـ حربا شعواء على تلك الروايات وتدفعها ، لمخالفتها الصريحة لتطلعات دين الإسلام نحو الكتابة والتعلم والسعي في طلبه ، وبيان فضله حتى ورد في الخبر : «عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد» (١) و «لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج» (٢) ، فضلا عن مخالفتها لمقتضيات العقل السليم ، وطبيعة الحضارات في كل زمان ومكان.
غاية ما في الأمر .. أنه ـ وبعد وفاة الرسول الأعظم (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ـ مر حديثه الشريف بأزمة خانقة ، ومواقف سلبية أدت إلى الحظر عليه رواية ، ومنعه تدوينا ، حتى اتسمت تلك المواقف بتصرفات شاذة ، كحرقهم صحائف الحديث الشريف ، ودفنهم كتبه ، وحبس الصحابة في مركز الخلافة خوفا من تفشي الحديث خارج المدينة المنورة ، مع النهي العام عن تعاطي الحديث رواية وتدوينا!!
لقد تركت تلك المواقف آثارها السيئة على واقع الحديث ، إذ غيرت السنة ، ومحقت الشريعة ، وذلك بتمهيد السبل أمام الأيدي الآثمة من الزنادقة ، وأهل الأهواء ، لأن تعبث بالحديث الشريف ، فتضع ما شاء لها الهوى لا سيما من تقرب إلى بلاط الأمويين باختلاق الروايات التي تؤيد عروشهم ، وتنال من خصومهم السياسيين ، كما تشهد عليه الكتب المؤلفة في الموضوعات والوضاعين.
وبدلا من أن تجتمع الكلمة بعد وفاة الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) على صيانة
__________________
(١) أصول الكافي ١ : ٨٢ ح ٨ ، باب ٢ من كتاب فضل العلم.
(٢) أصول الكافي ١ : ٨٥ ح ٥ ، باب ٤ من كتاب فضل العلم.