على أن الشيخ المفيد (ت ٤١٣ ه) قد تعرض في كتابه «التذكرة في أصول الفقه» إلى بعض الأمور الدرائية ، وقد أكثر منها الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ ه) في «عدة الأصول» ، ومثله المحقق الحلي (ت ٦٧٦ ه) في «معارج الأصول».
ثم تطور علم الدراية عند الشيعة الإمامية على يد الفقيه المحدث السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس الحسني (ت ٦٧٣ ه) ، فكان أول من وضع الاصطلاح الجديد في أقسام الحديث المعروفة ، وتابعه العلامة الحلي (ت ٧٢٦ ه) في مصنفاته الأصولية والرجالية على هذا التقسيم ، وبعضهم من نسب التصنيف الجديد إلى العلامة نفسه (رحمهالله).
ثم جاء بعد العلامة الحلي تلميذه السيد علي بن عبد الحميد الحسيني النجفي ، من أعلام القرن الثامن الهجري ، فصنف «شرح أصول دراية الحديث» ، وبعده الشهيد الثاني (ت ٩٦٦ ه) الذي صنف كتاب «الدراية في علم الرواية» ، ثم تعاقب على التأليف بعد ذلك جملة من علماء الدراية وصولا إلى عصرنا الحاضر.
ومن هنا يعلم أن بذور التصنيف الأولى في علم دراية الحديث قد ظهرت على أيدي الشيعة الإمامية قبل أن يستوعب الحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥ ه) مسائل هذا العلم في كتابه «معرفة علوم الحديث» ، على أن الحاكم نفسه متنازع فيه بين الشيعة والعامة ، إذ لم يثبت ـ بنحو القطع ، على كثرة ما قيل حوله ـ انتماؤه إلى أحد الفريقين ، وإن كان ظاهر مستدركه عدم الاعتقاد بالتشيع.
* * *