محمد بن يزيد المبرد قد رد هذه القراءة ، وأنه قال : لا تحل القراءة بها ـ : وهذا القول غير مرضي من أبي العباس ، لأنه قد رواها إمام ثقة ، ولا سبيل إلى رد نقل الثقة ، ثم ذكر بعض من قرأ بها وقال : وإذا صحت الرواية لم يكن سبيل إلى ردها. انتهى.
وبالغ أبو حيان الأندلسي في الرد على ابن عطية إذ رد قراءة حمزة (١) وقال في «البحر المحيط» (٢) : لسنا متعبدين بقول نحاة البصرة ولا غيرهم ممن خالفهم ، فكم حكم ثبت بنقل الكوفيين من كلام العرب لم ينقله البصريون! وكم حكم ثبت بنقل البصريين لم ينقله الكوفيون!
قال : وإنما يعرف ذلك من له استبحار في علم العربية لا أصحاب الكنانيس ، المشتغلون بضروب من مبادئ العلوم ، الآخذون عن الصحف دون الشيوخ. انتهى.
وبالجملة : فكلامهم في هذا المعنى يدل على اتفاقهم على قبول قراءة حمزة ورد ما يعارضها من الأقيسة ، وقد وردت من الشواهد المصححة لتلك القراءة ما لا يبقى معها ريب في جواز العطف على النحو المذكور ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأما قول الإمام الرضي (رضياللهعنه) (٣) : إن الظاهر أن حمزة جوز ذلك بناء على مذهب الكوفيين ـ لأنه كوفي ـ ولا نسلم تواتر القراءات ، فعندي غير مرضي ، لأنا نمنع أن يكون حمزة قد قرأ بذلك متابعة لمذهب الكوفيين ، فإن القراءة سنة متبعة ـ كما هو مشهور ـ لا يتصرف فيها بقواعد العربية
__________________
(١) النهر الماد ـ المطبوع بهامش «البحر المحيط» ـ ٣ / ١٥٦.
(٢) البحر المحيط ٣ / ١٥٩ ، النهر الماد ٣ / ١٥٧.
(٣) شرح الكافية ١ / ٣٢٠.