آراء وأقوال ، مع أنهم قرروا في أصول النحو أن اللغات ـ على اختلافها ـ كلها حجة ، بل صرحوا : أنه إذا قلت إحدى اللغتين جدا وكثرت الأخرى جدا ، وإن كان الواجب في مثل ذلك استعمال ما هو أقوى قياسا وأشيع رواية ، إلا أنه ـ مع ذلك ـ لو استعمله إنسان لم يكن مخطئا لكلام العرب ، فإن الناطق على قياس لغة من لغات العرب مصيب غير مخطئ ، لكنه يكون مخطئا لأجود اللغتين ، فإن احتاج لذلك في شعر أو سجع فإنه غير ملوم ولا منكر ـ كما قال ابن جني في «الخصائص» (١) ـ.
وحكى السيوطي في «الاقتراح» (٢) عن أبي حيان في «شرح التسهيل» أنه قال : كل ما كان لغة لقبيلة قيس عليه. انتهى.
والظن بقطرب أنه لم يحك ذلك إلا عن فصيح ، فلا ينبغي رد حكايته ، مع أن الأعرابي إذا قويت فصاحته وسمت طبيعته تصرف وارتجل ما لم يسبق إليه ، فقد حكي عن رؤبة وأبيه أنهما كانا يرتجلان ألفاظا لم يسمعاها ولا سبقا إليها ، والله أعلم.
وممن اختار جواز العطف على الوجه المقرر آنفا الشيخ الإمام جمال الدين ابن هشام الأنصاري في «أوضح المسالك» (٣) حيث قال : لا يكثر العطف على المخفوض إلا بإعادة الخافض ، حرفا كان أو اسما ، وليس ـ يعني عود الخافض ـ بلازم ، وفاقا ليونس والأخفش والكوفيين. انتهى.
وظاهره صحة العطف مع عدم إعادة الخافض وإن كان مع الإعادة أكثر ، كما تقدم في كلام أبي حيان ، وقد جرى عليه في بعض كتبه.
__________________
(١) الخصائص النحوية ٢ / ١٠ ، الاقتراح : ١٨٦.
(٢) الاقتراح : ١٨٦.
(٣) أوضح المسالك بشرح الأزهري ٢ / ١٥١.