ولا يذهب عليك أن تعليل الكراهة بعدم انفصال المجرور من جاره عليل ، إذ قد ثبت الانفصال في أفصح الكلام ، كلام الملك العلام ، كما في قوله عز من قائل : (فبما رحمة من الله لنت لهم) (١) وقوله تبارك وتعالى : (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم) (٢) وقول أبي نؤاس الحسن بن هانئ :
أخذت غرته والسكر يوهمه |
|
أن قد نجا وهو مني غير ما ناج (٣) |
وقوله أيضا :
أوعدتني بالقتل من غير ما |
|
جرم وقلبي رهن كفيكا (٤) |
وقول القائل :
جياء بني أبي بكر تسامى |
|
على كان المسومة العراب |
وقول أبي القاسم بن الحسن الكاتبي :
إن كنت أزمعت على هجرنا |
|
من غير ما جرم فصبر جميل (٥) |
فظهر لك مما مر أن نفي ابن الناظم (٦) استبعاد عدم جواز هذا العطف في القياس ، في غير محله ، وكذا دعواه أن ما ورد منه من السماع على شذوذ إضمار الجار.
لأنا نمنع أن يكون ذلك غير جائز في القياس ، وهب أنه غير جار
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٥٩
(٢) سورة المائدة ٥ : ١٣.
(٣) ديوان أبي نؤاس : ٣١٧.
(٤) ديوان أبي نؤاس : ٣٥٤.
(٥) المطول في شرح التلخيص : ٤٧٢.
(٦) كما في شرح الألفية : ٢١٣.