على القياس لكن قال ابن جني في «الخصائص» (١) : إنه إذا أداك القياس إلى شئ ثم سمعت العرب قد نطقت فيه بشئ آخر على قياس غيره ، فدع ما كنت عليه إلى ما هم عليه. انتهى.
وليس كل ما يطرد في الاستعمال يوافق القياس ، بل قد يكون المسموع مطردا في الاستعمال شاذا في القياس ، نحو قولهم : استحوذ ، واستنوق الجمل ، واستصوب الأمر ، وأبى يأبى ، والقياس الإعلال في الثلاثة وكسر عين الأخير ـ كما في «الاقتراح» (٢) ـ فليكن ما نحن فيه ـ على الأقل ـ من هذا القبيل.
وأما حمله ما ورد من السماع على شذوذ إضمار الجار.
ففيه : أن الأصل عدم الإضمار حتى شاع وذاع أن عدم التقدير أولى من التقدير ، لأن الإضمار يحتاج إلى دليل ولا دليل هنا ، وإنما يحسن ارتكابه عند عدم المندوحة عنه وانسداد الطرق إلا إليه ، وأنت خبير بعدم إمكان الالتزام بما التزم به من الإضمار في جميع ما ورد في السماع ، لأنه قد ورد في أشعارهم من ذلك كثير يخرج عن أن يجعل ذلك ضرورة ، وقد تقدم عن العلامة العيني : أن حمل البصرية ما ورد من السماع على الشذوذ فيه نظر لا يخفى.
هذا ، وإن كثيرا من شراح «الألفية» وغيرها لم يتعرضوا لرد كلام ابن مالك ، بل أقروه على ما اختاره في المسألة من جواز العطف من دون إعادة الخافض ، وفيهم أجلة المحققين وعمدة النحويين ودأب كثير منهم أن لا يغادروا له صغيرة ولا كبيرة إلا آخذوه بها ، فكان ذلك تقريرا منهم لصحة ما
__________________
(١) الخصائص النحوية ١ / ١٢٥ ، الاقتراح : ٢٠٩.
(٢) الاقتراح : ٥٩.