والثاني : أنه أطلق على النون الساكنة ، لأنها «تحدث رنينا خاصا وتنغيما عند النطق بها ، ولهذا يسمونها التنوين ، أي : التصويت والترنيم ، لأنها سببه» (١).
وقبل أن تستعمل كلمة (التنوين) عنوانا للمعنى الاصطلاحي ، عبر أبو الأسود الدؤلي (ت ٦٩ ه) عنه بلفظ (الغنة) ، فإنه حينما أراد تنقيط المصحف نقط الإعراب ، أحضر كاتبا وقال له : «إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة فوقه على أعلاه ، فإن رأيتني ضممت فمي ، فانقط نقطة بين يدي الحرف ، وإن كسرت فاجعل النقطة تحت الحرف ، فإن أتبعت شيئا من ذلك (غنة) فاجعل مكان النقطة نقطتين» (٢).
وقد استعمل لفظ التنوين بعد أبي الأسود من قبل بعض تلاميذه ، وإن كنا لا نعلم من هو على وجه التحديد ، فقد روي «عن خالد الحذاء ، قال : سألت نصر بن عاصم ... كيف تقرأ (قل هو الله أحد ، الله الصمد)؟ فلم ينون ، فأخبرته أن عروة ينون ، فقال : بئس ما قال ، وهو للبئس أهل» (٣).
واستفاد بعض الدارسين من هذا النص أن نصر بن عاصم هو أول من اهتدى لاستخدام مصطلح التنوين (٤) ، ولكني لا أرى النص ظاهرا في أكثر من كون التنوين كان مستخدما في عهده.
__________________
(١) النحو الوافي ١ / ٢٦.
(٢) أ ـ أخبار النحويين البصريين للسيرافي : ١٦.
ب ـ نزهة الألباء في طبقات الأدباء ، الأنباري : ١٢.
(٣) أ ـ أخبار النحويين البصريين : ٢٠ ـ ٢١.
ب ـ طبقات النحويين واللغويين ، الزبيدي : ٢٧.
(٤) المصطلح النحوي ، القوزي : ٤٥.