فاعل الفعل الإنشائي ، إذ الفعل ليس حديثا عنه.
ولعله لأجل ذلك عمد أبو علي الفارسي (ت ٣٧٧ ه) إلى صياغته بقوله : الفاعل : ما «يسند الفعل إليه مقدما عليه ... وبهذا المعنى الذي ذكرت يرتفع الفاعل ، لا بأنه أحدث شيئا على الحقيقة ، فلهذا يرتفع في النفي إذا قيل : لم يخرج عبد الله ، كما يرتفع في الإيجاب» (١).
فأبدل عبارة (المحدث به عن الفاعل) بقوله : (المسند إلى الفاعل) ، ليدخل في التعريف «فاعل الفعل الإنشائي ، نحو : بعت ، وهل ضرب زيد؟» (٢) لكنه لم يقيد الفعل بكونه مبنيا للمعلوم مما يجعل التعريف غير مانع من دخول نائب الفاعل.
ويتضح مما صرح به ابن السراج والفارسي ومن بعدهما ، أن الفاعل «في عرف أهل هذه الصنعة أمر لفظي ، يدل على ذلك تسميتهم إياه فاعلا في الصور المختلفة من النفي والإيجاب والمستقبل والاستفهام ما دام [الفعل] مقدما عليه ... ويؤيد إعراضهم عن المعنى [الحقيقي] عندك وضوحا أنك لو قدمت الفاعل ، فقلت : زيد قام ، لم يبق عندك فاعلا ، وإنما يكون مبتدءا وخبرا» (٣).
وتقدم ابن جني (ت ٣٩٢ ه) بما يماثل تعريف الفارسي مضمونا ، فقال : «الفاعل ... اسم ذكرته بعد فعل ، وأسندت ونسبت ذلك الفعل إلى
__________________
(١) أ ـ الإيضاح العضدي ، أبو علي الفارسي ، تحقيق حسن شاذلي فرهود ١ / ٦٣ ـ ٦٤.
ب ـ المقتصد في شرح الإيضاح ، عبد القاهر الجرجاني ، تحقيق كاظم بحر المرجان ١ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦.
(٢) شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر ١ / ١٨٥.
(٣) شرح المفصل ، ابن يعيش ١ / ٧٤.