__________________
مجرورة عطفا على الرؤوس في الإعراب ، وعلى الوجوه في المعنى ، أي : أن حق الأرجل هو النصب ، ولكنها لما جاورت المجرور جرت لمجاورته وتابعته في إعرابه.
وهنا ينبغي التأكيد على أمور في غاية الأهمية ، وهي :
الأول : إجماع الشيعة الإمامية على بطلان جر الأرجل بالمجاورة ، وكتبهم الفقهية المقارنة ، والتفسيرية طافحة بمناقشة حجج القائلين بجر الأرجل بالمجاورة ، وتفنيدها.
الثاني : إن جميع من قال بجر الأرجل من العامة ـ فيما تتبعناه ـ إنما هو مقلد للأخفش (ت ٢٠٧ ه) في معاني القرآن لأنه أول من قال بذلك ، ولم يسبقه إلى هذا القول أحد فيما أعلم.
الثالث : اشتباه الأخفش ومن تابعه على ذلك القول ، وقد صرح بتخطئته جملة من علماء العربية ، والفقهاء ، والمفسرين ، كما سيأتي مفصلا في الأمر السابع.
الرابع : عدم وقوع الجر بالمجاورة في القرآن الكريم مطلقا لما يستلزمه من أمور يجل عنها كتاب الله تعالى كما سيتضح إليك في كلام المصنف (قدسسره).
الخامس : إعراض جملة من مفسري العامة عن هذا القول في كتبهم التفسيرية ، وأما من ذهب إليه منهم ، فقد رده آخرون من مفسري العامة أنفسهم.
السادس : في من قال بجر الأرجل بالمجاورة ، وهم :
الأخفش (ت ٢٠٧ ه) في معاني القرآن ٢ / ٤٦٥ ، وأبو عبيدة (ت ٢١٠ ه) في مجاز القرآن ١ / ١٥٥ ، وتابعهما على ذلك : الفقيه السمرقندي (ت ٣٧٥ ه) في تفسيره ١ / ٤١٩ ، وقد وقع محققوا تفسيره في خبط عظيم وهم ثلاثة من أساتذة الأزهر الشريف وهم : الشيخ علي محمد عوض ، والشيخ عادل أحمد عبد الموجود ، والدكتور زكريا عبد المجيد التوني وذلك في تعليقتهم على عبارة السمرقندي وهي : قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، وفي رواية : أبي بكر (وأرجلكم) بكسر اللام.
فعلقوا عليها في الهامش رقم ٣ من الجزء الأول ص ٤١٨ بما هذا نصه : وحجتهم : أنها معطوفة على الوجوه والأيدي ، فأوجبوا الغسل عليها!!!
أقول : لم يلتفت هؤلاء الأساتذة إلى تتمة كلام السمرقندي نفسه إذ قال بعد العبارة المذكورة ـ وبلا فصل ـ : وقرأ الباقون بالنصب ، فمن قرأ بالنصب فإنه جعله نصبا لوقوع الفعل عليه وهو الغسل ، يعني : واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين ، ومن قرأ بالكسر ، جعله كسرا لدخول حرف الخفض ـ وهو الباء ـ فكأنه قال : وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم.
وقد مر في الهامش رقم ١ ص ٣٧٠ تفصيل موقف هؤلاء القراء وغير هم من قراءة (وارجلكم) نصبا وجرا ، فراجع.
وأبو زرعة (ت بعد سنة
٤٠٣ ه) في حجة القراءات : ٢٢٣ ، والواحدي (ت ٤٦٨ ه)