ولعل الدكتور غاب عن ذهنه مراجعة سيرة هذا الرجل فجعل يصفه بتلك الأوصاف المخلدة لذكراه ، وكأنه لم يعرف سبب جعل ابن تيمية في السجن ، وأنه حبس لا لأجل جهاده العريق ، وإنما بسبب اعتقاداته الفاسدة التي لا تجتمع مع جمهور المسلمين!
يقول ابن كثير ـ وهو تلميذه ـ : «وفي ليلة عيد الفطر من تلك السنة [٧٠٦ ه] أحضر الأمير سيف الدين سلار ، نائب مصر ، القضاة الثلاثة وجماعة من الفقهاء ، فالقضاة : الشافعي والمالكي والحنفي ، والفقهاء : الباجي والجزري والنمواري ، وتكلموا في إخراج الشيخ تقي الدين ابن تيمية من الحبس ، فاستشرط بعض الحاضرين عليه شروطا في ذلك ، منها أنه يلتزم بالرجوع عن بعض عقائده» ..
وفي سنة ٧٠٩ ه نفي إلى الإسكندرية ، ومنها عاد إلى القاهرة ، ثم إلى الشام.
وفي سنة ٧٢٠ ه صدرت منه فتاوى شاذة ، فعقد له مجلس حضره القضاة والمعنيون من المذاهب الأربعة ، وحبس خمسة أشهر.
حتى جاءت سنة ٧٢٦ ه حين سجن مرة أخرى ، ومات في قلعة دمشق للعلة ذاتها!!
هذا هو من قال عنه الدكتور أنه حبس من أجل جهاده في سجن المماليك ... وقد تبين أنه كان يجاهد مذاهب جمهور المسلمين وحبس بفتياهم ـ فتيا فقهاء المذاهب الأربعة ـ لانحرافه العقائدي (١).
__________________
(١) راجع تكملة السيف الصقيل ـ للشيخ محمد زاهد الكوثري ـ : ١٠٠.