لا يعدل عند العقلاء في النقل ـ ولو ـ عن صادق واحد ..
وخلاصة الشرطين : إن الوصف المذكور لما يوجب العلم من الأخبار في نظر الصدوق (رحمهالله) لا ينحصر بمجرد تعدد الرواة ما لم يحرز صدقهم وأمانتهم في روايتها ، سواء عن طريق العلم بوثاقتهم ، أو اكتشاف صدقهم من طريق آخر وإن ضعف بعضهم بكتب الرجال ، كأن يكون العمل بخبرهم مقطوعا عليه من أرباب فقهاء المذهب الذين هم أدرى من غيرهم بصحة الأخبار ، فلا عبرة بالناقلين إذن مع تحقق الإجماع.
ومن هنا يعلم أن مراسيل الصدوق (رحمهالله) التي احتج بها في الفقيه لا يمكن سلخها عن هذه الحقيقة بحجة عدم العلم بأسانيدها ، إذ لا ضير في ذلك مع العلم بكيفية منهجه في اعتماد الأخبار وتصريحه بحذف أسانيدها لأجل الاختصار ، وهذا يعني وقوفه على أسانيدها ، وتحققه من خروجها عن إطار الآحاد ، وانطباقها مع مبناه في الاحتجاج بالخبر.
وأما عن احتمال كونها مرسلة في الأصل المنقول عنه ـ أي في مصادر الصدوق (رحمهالله) نفسه ـ مما يتعذر العلم معه بحال الواسطة المجهولة ، فلا يضر ذلك أيضا لما تقدم في أدلة القول الثاني من اعتماد القرائن المحتفة بالخبر ، والتي يجب أن تكون موافقة لمبنى الصدوق (رحمهالله) بمعنى أن تكون كاشفة عن صدق المخبر وإن كان ضعيفا أو مجهولا.
نعم ، يستثنى من ذلك الانفرادات التي نبه عليها الصدوق (رحمهالله) ، والأخبار الشاذة التي أوردها في كتابه ، وكذلك التي لم يعمل بها سواه ، ويلحق بها ما رد بسبب الإرسال ونحوه لوجود المعارض الأقوى.
وأما ما عدا ذلك فهو حجة ـ بتقديرنا ـ تمسكا بشهادة الصدوق عليها بالصحة نتيجة النظر إلى صدق الراوي مع القرائن الكاشفة عن سلامة خبره ،