رؤوس الضلال من هذه الأمة ـ ومنهم يزيد لعنه الله ـ فرقا بينا ، وذلك أن أحدا من المسلمين لا يورث عنده الإمساك عن لعن إبليس شبهة في أمر إبليس ، والإمساك عن لعن يزيد وأضرابه يثير شبهة عند كثير من المسلمين في أمرهم ، وتجنب ما يورث الشبهة في الدين واجب ، فلهذا لم يكن الإمساك عن لعن إبليس نظيرا للإمساك عن لعن غيره من رؤوس الضلال ، فتنبه.
بل قد يكون اللعن واجبا وجزءا للإيمان إذا قصد به اللاعن البراءة من أعداء الله واقتصر عليه ، فكيف يقال : إن المكلف لو سكت عن لعن من جاز لعنه لم يكن عاصيا بالإجماع (١) ، إن هذا ـ والله ـ لمن عمى البصيرة ، وخبث الطوية وسوء السريرة ، نسأل الله السلامة من الخذلان.
وقد بلغ الغزالي من حنقه وحمقه أن زعم : أن الترحم على يزيد ـ لا رحمهالله ـ جائز ، بل مستحب ، بل داخل في قولنا : اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، فإنه كان مؤمنا. انتهى.
سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم.
لكل داء دواء يستطب به |
|
إلا الحماقة أعيت من يداويها |
وبه قال المتولي وصاحب الأنوار وغيرهما (٢) ممن حرموا لعن يزيد اللعين ، وقال ابن الصلاح الشهرزوري الشافعي في (فتاويه) (٣) : سب يزيد ولعنه ليس من شأن المؤمنين.
وهؤلاء ينبغي أن ينظموا في سلسلة أنصار يزيد ـ كما قال الشهاب الآلوسي (٤) ـ حشرهم الله معه ، وأذاقهم ما أذاقه ، آمين.
__________________
(١) حياة الحيوان ٢ / ١٧٦.
(٢) الصواعق المحرقة : ٢٢٣ ، قيد الشريد : ٦٢.
(٣) فتاوى ابن الصلاح : ٣٨.
(٤) روح المعاني ٢٦ / ٧٣.