ظهراني قوم فلا ينصروه إلا عمهم بعقاب» (١).
فإن قال قائل : إن ذلك معارض بما أخرجه البخاري في صحيحه (٢) عن أم حرام أن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قال : «أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم».
وقال (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «لتفتحن القسطنطينية ، ولنعم الأمير أميرها ، ولنعم الجيش ذلك الجيش» رواه أحمد والحاكم عن بشر الغنوي (٣).
واستدل المهلب بذلك على ثبوت خلافة يزيد ، وأنه من أهل الجنة لدخوله في عموم قوله «مغفور لهم» ، وهو أول من غزا مدينة قيصر (٤).
قلنا : غلط المهلب في حميته الجاهلية لجرو بني أمية ، فإن يزيد لم تثبت له خلافة ولم تنعقد له بيعة عند المحققين من أهل العلم ، لعدم أهليته لذلك.
وقد صرح العلماء بأنه لا يلزم من دخول يزيد بن معاوية في ذلك العموم عدم خروجه عنه بدليل خاص ، إذ لا يختلف أهل العلم في أن قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «مغفور لهم» مشروط بأن يكون من أهل المغفرة ، حتى لو ارتد واحد ممن غزاها بعد ذلك لم يدخل في ذلك العموم مطلقا اتفاقا ، فدل على أن المراد مغفور لمن وجد شرط المغفرة فيه منهم (٥) ، ويزيد
__________________
(١) فضائل الخمسة من الصحاح الستة ٣ / ٣٨٨ ـ ٣٨٩.
(٢) صحيح البخاري ـ كتاب الجهاد والسير ـ باب ما قيل في قتال الروم ٤ / ١١٤ ح ١٣٥ ـ ط المكتبة الثقافية / بيروت.
(٣) مسند أحمد ٤ / ٣٣٥ ، المستدرك على الصحيحين ٤ / ٤٦٨ ح ٨٣٠٠.
(٤) فتح الباري ٦ / ١٢٠ ، إرشاد الساري ٥ / ١٠٤ ، قيد الشريد : ٨٠.
(٥) فتح الباري ٦ / ١٢٠ ، إرشاد الساري ٥ / ١٠٤ ، قيد الشريد : ٨٠ ـ ٨١ ، فيض القدير ٣ / ٨٤ و ٥ / ٢٦٢.