والمستفاد من كلام ابن بابشاذ (ت ٤٦٩ هـ) تعريفه التمييز بأنّه : «اسم جنس نكرة مفرد مقدّر بـ : مِنْ ، مفسّر لمقدارٍ أو شيء مبهم»(١).
والجديد في هذه الصياغة :
أولاً : إشارته إلى تقدير التمييز بـ (من) احترازاً من دخول (الحال) في التعريف؛ فإنّها كالتمييز من حيث كونها نكرة منصوبة مبيّنة ، إلاّ أنّها لا يصحّ تقديرها بـ : من.
ثانيـاً : تقسيمـه للمفسَّر بالتمييـز إلى مقـدارٍ (أي : معـدود أو مكيل أو موزون أو مذروع) وشيء مبهم ، ولا يريد بالثاني سوى تمييز النسبة في نحو : (واشتعلَ الرأسُ شيباً)(٢).
وكان بإمكانه الاكتفاء بقوله : (نكرة) عن (اسم الجنس)؛ إذ ليس للنكرة مدلول سوى ما يدلّ عليه اسم الجنس من العموم وعدم الاختصاص بأحد أفرادهِ دون غيره(٣).
وعرّفـه الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) بأنّـه : «رفع الاِبهام في جملـة أو مفرد»(٤).
وعقّب عليه ابن الحاجب بقوله : «ليس التمييز في الحقيقة رفعاً؛ لاَنّه اللفظ الذي حصل عنه هذا الرفع المراد ، وإنّما يغتفر النحويّون مثل ذلك
____________
(١) شرح المقدّمة المحسبة ٢/٣١٥ ـ ٣١٦.
(٢) سورة مريـم ١٩ : ٤.
(٣) أ ـ المقتضب ٤/٢٧٦.
ب ـ الاَُصول في النحو ١/١٧٥.
ج ـ الحدود في النحو : ٣٩.
د ـ اللمع في العربية : ٩٨.
(٤) المفصّل : ٦٥.