وعرّفه ابن مالك (ت ٦٧٢ هـ) بأنّه : «ما فيه معنى (من) الجنسيّة من نكرة منصوبة فضلة غير تابع».(١)
وقيّدَ (مـن) بكونها (جنسيّـة) لاِخراج ثاني منصوبي نحو : (استغفر الله ذنباً) فهو بمعنى من ، لكنّها ليست جنسيّـة.
وقوله : (منصوبة) احتراز من التمييز المضاف إليه ، نحو : (رطلُ زيتٍ) ، فهو بمعنى (من) الجنسيّـة لكنّه لا يعرب تمييزاً.
وقوله : (فضلة) احتراز من اسم (لا) في نحو : (لا خيراً من زيدٍ فيها).
وقولـه : (غير تابـع) مخـرج لصفـةِ اسم (لا) المنصوبـة في نحـو : (لا رجلَ ظريفاً)؛ فإنّها نكرة فضلة منصوبة بمعنى (من) الجنسيّـة ، لكنّها تابعة ، ففارقت التمييز.(٢)
ولا ضرورة لتكثير القيود بهذا النحو؛ إذ لا يخطر لاَحدٍ من الدارسين إعراب نحو : (زيتٍ) في المثال تمييزاً ليحترز عنه بقيد النصب ، وأمّا بقيّة القيود ـ أي كون التمييز فضلة غير تابع بمعنى (من) الجنسيّـة ـ ، فيمكن الاستغناء عنها بقيد واحد هو كون التمييز مبيّناً للاِبهام.
هذا ولا بُدّ من التنبيه إلى الدقّة في قوله : (ما فيه معنى من) ، وأنّه أفضل من قول مَن سبقه : (مقدّرة بـ : مِن)؛ ذلك أنّ المراد كون التمييز مفيداً معنى (من) البيانيّة ، وهو بيان ما قبله ، وليس المراد أنّ (من) مقدّرة في نظم الكلام؛ إذ قد لا يصلح لتقديرها(٣) ، ففي نحو : عندي عشرون
____________
(١) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمّد كامل بركات : ١١٤.
(٢) شفاء العليل في إيضاح التسهيل ، السلسيلي ، تحقيق عبد الله البركاتي ٢/٥٥٣.
(٣) أ ـ شرح التصريح على التوضيح ١/٣٩٥.