وأطيار. ووزن فعيل يجمع على أفعلة كجريب وأجربة ، ثم لما حصلت المناسبة المذكورة بين فاعل وفعيل لا جرم يجمع فاعل جمع فعيل فيقال : واد وأودية ويجمع فعيل جمع فاعل يتيم وأيتام وشريف وأشراف اه. ونظير ذلك ناد وأندية وناج وأنجية قيل. ولا رابع لها. وفي شرح التسهيل ما يخالفه. والوادي الموضع الذي يسيل فيه الماء بكثرة ، وبه سميت الفرجة بين الجبلين ويطلق على الماء الجاري فيه ، وهو اسم فاعل من ودي إذا سال فإن أريد الأول فالإسناد مجازي أو الكلام على تقدير مضاف كما قال الإمام أي مياه أودية ، وإن أريد الثاني وهو معنى مجازي من باب اطلاق اسم المحل على الحال فالإسناد حقيقي ، وإيثار التمثيل بالأودية على الأنهار المستمرة الجريان لوضوح المماثلة بين شأنها وما مثل بها كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى (بِقَدَرِها) أي بمقدارها الذي عينه الله تعالى واقتضته حكمته سبحانه في نفع الناس ، أو بمقدارها المتفاوت قلة وكثرة بحسب تفاوت محالها صغرا وكبرا لا بكونها مالئة لها منطبقة عليها بل بمجرد قلتها بصغرها المستلزم لقلة موارد الماء وكثرتها بكبرها المستدعي لكثرة الموارد ، فإن موارد السيل الجاري في الوادي الصغير أقل من موارد السيل الجاري في الوادي الكبير ، هذا إذا أريد بالأودية ما يسيل فيها أما إن أريد بها المعنى الحقيقي فالمعنى سالت مياها بقدر تلك الأودية على نحو ما عرفته آنفا أو يراد بضميرها مياها بطريق الاستخدام ويراد بقدرها ما ذكر أولا من المعنيين قاله شيخ الإسلام ، والجار والمجرور على ما نقل عن الحوفي متعلق بسالت ، وقال أبو البقاء : إنه في موضع الصفة لأودية ، وجوز أن يكون متعلقا بأنزل. وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما. والأشهب العقيلي. وأبو عمرو في رواية «بقدرها» بسكون الدال وهي لغة في ذلك.
(فَاحْتَمَلَ) أي حمل وجاء افتعل بمعنى المجرد كاقتدر وقدر (السَّيْلُ) أي الماء الجاري في تلك الأودية والتعريف لكونه معهودا مذكورا بقوله تعالى : (أَوْدِيَةٌ) ولم يجمع لأنه كما قال الراغب مصدر بحسب الأصل ، وفي البحر أنه إنما عرف لأنه عني به ما فهم من الفعل والذي يتضمن الفعل من المصدر وإن كان نكرة إلا أنه إذا عاد في البحر أنه إنما عرف لأنه عني به ما فهم من الفعل والذي يتضمن الفعل من المصدر وإن كان نكرة إلا أنه إذا عاد في الظاهر كان معرفة كما كان لو صرح به نكرة ، وكذا يضمر إذا عاد على ما دل عليه الفعل من المصدر نحو من كذب كان شرا له أي الكذب ، ولو جاء هنا مضمرا لكان جائزا عائدا على المصدر المفهوم من سالت اه. وأورد عليه أنه كيف يجوز أن يعني به ما فهم من الفعل وهو حدث والمذكور المعرف عين كما علمت. وأجيب بأنه بطريق الاستخدام. ورد بأن الاستخدام أن يذكر لفظ بمعنى ويعاد عليه ضمير بمعنى آخر حقيقيا كان أو مجازيا وهذا ليس كذلك لأن الأول مصدر أي حدث في ضمن الفعل وهذا اسم عين ظاهر يتصف بذلك فكيف يتصور فيه الاستخدام. نعم ما ذكروه أغلبي لا يختص بما ذكر فإن مثل الضمير اسم الإشارة وكذا الاسم الظاهر (١) اه. وانظر هل يجوز أن يراد من السيل المعنى المصدري فلا يحتاج إلى حديث الاستخدام أم لا ، وعلى الجواز يكون المعنى فاحتمل الماء المنزل من السماء بسبب السيل (زَبَداً) هو الغثاء الذي يطرحه الوادي إذا جاش ماؤه واضطربت أمواجه على ما قاله أبو الحجاج الأعلم ، وهو معنى قول ابن عيسى : إنه وضر الغليان وخبثه ، قال الشاعر :
وما الفرات إذا جاشت غواربه |
|
ترمي أواذيه العبرين (٢) بالزبد |
(رابِياً) أي عاليا منتفخا فوق الماء ، ووصف الزبد بذلك قيل : بيانا لما أريد بالاحتمال المحتمل لكون المحمول غير طاف كالأشجار الثقيلة ، وإنما لم يدفع ذلك بأن يقال فاحتمل السيل زبدا فوقه للإيذان بأن تلك الفوقية
__________________
(١) كقول بعض المولدين. أخت الغزالة إشراقا وملتفتا. اه منه.
(٢) أي الجانبين ا ه منه.