قال : وكذلك الفعول لو كسرت مثل الفلوس فإنك تخرجه إلى فعائل كما تقول جدود وجدائد وركوب وركائب. ولو فعلت ذلك بما فعل ومفاعيل لم يجاوز هذا البناء ، ويقوي ذلك أن بعض العرب تقول : أتى للواحد فيضم الألف ، وأما أفعال فقد يقع للواحد ومن العرب من يقول هو الأنعام قال جل ثناؤه (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) وقال أبو الخطاب سمعت العرب تقول : هذا ثوب أكياس انتهى.
وقال رحمهالله تعالى في باب ما لحقته الزوائد من بنات الثلاثة وليس في الكلام أفعيل ولا أفعول ولا أفعال ولا أفعل ولا أفعال إلا أن تكسر عليه أسماء للجمع انتهى ، وقد اضطرب الناس في التوفيق بين كلاميه فذهب أبو حيان إلى تأويل الأول وإبقاء الثاني على ظاهره من أن أفعالا لا يكون من أبنيته المفرد فحمل قوله أولا وأما أفعال فقد يقع للواحد إلخ : على أن بعض العرب قد يستعمله فيه مجازا كالأنعام بمعنى النعم كما قال الشاعر :
تركنا الخيل والنعم المفدى |
|
وقلنا للنساء بها أقيمي |
وليس مراده أنه مفرد صيغة ووضعا بدليل ما صرح به في الموضع الآخر من أنه لا يكون إلا جمعا. واعترض عليه بأن مقصود سيبويه بما ذكره أولا الفرق بين صيغتي منتهى الجموع وأفعال وفعول حيث منع الصرف للأول دون الثاني بوجوه : منها أن الأولين لا يقعان على الواحد بخلاف الأخيرين كما أوضحه فلو لم يكن وقوع أفعال على الواحد بالوضع لم يحصل الفرق فلا يتم المقصود. نعم لا كلام في تدافع كلاميه ، وأيضا لو كان كذلك لم يختص ببعضهم ، وأيضا إن التجوز بالجمع عن الواحد يصح في كل جمع حتى صيغتي منتهى الجموع. وتعقبه الخفاجي بقوله : والحق أنه لا تدافع بين كلاميه فإنه فرق بين صيغتي منتهى الجموع والصيغتين الأخيرتين بأن الأولتين لا تجمعان والأخيرتان تجمعان فأشبهتا الآحاد ثم قوى ذلك بأن قوما من العرب استعملت أتى وهو على وزن فعول مفردا حقيقة ، ومنهم من استعمل الأنعام وهو على وزن أفعال كذلك ، وقد أشار إلى أن ذلك لغة نادرة ببعض ، ومن ما ذكره بعد بناء على اللغة المتداولة ، وقوله : إن مقصوده أولا الفرق بوجوه لا وجه له كما يعرفه حملة الكتاب انتهى ، ويعلم منه أن رجوع الضمير المفرد المذكر إلى الأنعام عند سيبويه باعتبار أنه مفرد على لغة بعض العرب ومن قال : إنه جمع نعم جعل الضمير للبعض أما المقدر أي بعض الأنعام أو المفهوم منها أو للأنعام باعتبار بعضها وهو الإناث التي يكون اللبن منها أو لواحده كما في قول ابن الحاجب : المرفوعات هو ما اشتمل على علم الفاعلية أو له على المعنى لأن أل الجنسية تسوي بين المفرد والجمع في المعنى فيجوز عود ضمير كل منهما على الآخر. وفي البحر أعاد الضمير مذكرا مراعاة الجنس لأنه إذا صح وقوع المفرد الدال على الجنس مقام جمعه حجاز عوده عليه مذكرا كقولهم هو أحسن الفتيان وأبتله لأنه يصح هو أحسن فتى وإن كان هذا لا ينقاس عند سيبويه ؛ وقيل جمع التكثير فيما لا يعقل يعامل معاملة الجماعة ومعاملة الجمع فيعود الضمير عليه مفردا كقوله :
فيها خطوط من سواد وبلق |
|
كأنه في الجلد توليع البهق |
وهو في القرآن سائغ ومنه قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) [المدثر : ٥٤ ، ٥٥](فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي) [الأنعام : ٧٨] ولا يكون هذا إلا في التأنيث المجازي فلا يجوز جاريتك ذهب. واعترض بأنه كيف جمع ـ نعم ـ وهي تخصيص بالإبل والإنعام تقال للبقر والإبل والغنم مع أنه لو اختص كان مساويا. وأجيب بأن من يراه جمعا له يخص الأنعام أو يعمم النعم ويجعل التفرقة ناشئة من الاستعمال ويجعل الجمع للدلالة على تعدد الأنواع.
وقرأ ابن مسعود بخلاف عنه. والحسن ، وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهما. وابن عامر. ونافع. أبو بكر. وأهل