بحياته عليهالسلام على أنه ليس له رواية عن النبي صلىاللهعليهوسلم كما صرح به العراقي في تخريج أحاديث الأحياء. وهذا خلاف ما عند الصوفية فقد ادعى الشيخ علاء الدين استفادة الأحاديث النبوية عنه بلا واسطة.
وذكر السهروردي في السر المكتوم أن الخضر عليهالسلام حدثنا بثلاثمائة حديث سمعه من النبي صلىاللهعليهوسلم شفاها ، واستدل بعض الذاهبين إلى حياته الآن بالاستصحاب فإنه قد تحققت من قبل بالدليل فتبقى على ذلك إلى أن يقوم الدليل على خلافها ولم يقم. وأجابوا عما استدل به الخصم مما تقدم. فأجابوا عما ذكره البخاري من الحديث الذي لا يوجب نفي حياته في زمانه صلىاللهعليهوسلم وإنما يوجب بظاهره نفيها بعد مائة سنة من زمان القول بأنه لم يكن حينئذ على ظهر الأرض بل كان على وجه الماء. وبأن الحديث عام فيما يشاهده الناس بدليل استثناء الملائكة عليهمالسلام وإخراج الشيطان ، وحاصله انخرام القرن الأول ، نعم هو نص في الرد على مدعي التعمير كرتن بن عبد الله الهندي التبريزي الذي ظهر في القرن السابع وادعى الصحبة وروى الأحاديث.
وفيه أن الظاهر ممن على ظهر الأرض من هو من أهل الأرض ومتوطن فيها عرفا ولا شك أن هذا شامل لمن كان في البحر ولو لم يعد من في البحر ممن هو على ظهر الأرض لم يكن الحديث نصا في الرد على رتن وأضرابه لجواز أن يكونوا حين القول في البحر بل متى قبل هذا التأويل خرج كثير من الناس من عموم الحديث ، وضعف العموم في قوله تعالى : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) [فاطر : ٤٥] ولينظر في قول من قال : يحتمل أنه كان وقت القول في الهواء ففيه أيضا ما لا يخفى على الناظر. ويرد على الجواب الثاني أن الخضر لو كان موجودا لكان ممن يشاهده الناس كما هو الأمر المعتاد في البشر ، وكونه عليهالسلام خارجا عن ذلك لا يثبت إلا بدليل وأنى هو فتأمل ، وأجابوا عما قاله الشيخ ابن تيمية بأن وجوب الإتيان ممنوع فكم من مؤمن به صلىاللهعليهوسلم في زمانه لم يأته عليه الصلاة والسلام فهذا خير التابعين أويس القرني رضي الله تعالى عنه لم يتيسر له الإتيان والمرافقة في الجهاد ولا التعلم من غير واسطة وكذا النجاشي رضي الله تعالى عنه. على أنا نقول : إن الخضر عليهالسلام كان يأتيه ويتعلم منه صلىاللهعليهوسلم لكن على وجه الخفاء لعدم كونه مأمورا بإتيان العلانية لحكمة إلهية اقتضت ذلك. وأما الحضور في الجهاد فقد روى ابن بشكوال في كتاب المستغيثين بالله تعالى عن عبد الله بن المبارك أنه قال : كنت في غزوة فوقع فرسي ميتا فرأيت رجلا حسن الوجه طيب الرائحة قال : أتحب أن تركب فرسك؟ قلت : نعم فوضع يده على جبهة الفرس حتى انتهى إلى مؤخره وقال : أقسمت عليك أيتها العلة بعزة عزة الله وبعظمة الله وبجلال جلال الله وبقدرة قدرة الله وبسلطان سلطان الله وبلا إله إلا الله وبما جرى به القلم من عند الله وبلا حول ولا قوة إلا بالله إلا انصرفت فوثب الفرس قائما بإذن الله تعالى وأخذ الرجل بركابي وقال : اركب فركبت ولحقت بأصحابي فلما كان من غداة غد وظهرنا على العدو فإذا هو بين أيدينا فقلت : ألست صاحبي بالأمس؟ قال : بلى فقلت : سألتك بالله تعالى من أنت؟ فوثب قائما فاهتزت الأرض تحته خضراء فقال : أنا الخضر فهذا صريح في أنه قد يحضر بعض المعارك ، وأما قوله صلىاللهعليهوسلم في بدر : «اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض» فمعناه لا تعبد على وجه الظهور والغلبة وقوة الأمة وإلا فكم من مؤمن كان بالمدينة وغيرها ولم يحضر بدرا ، ولا يخفى أن نظم الخضر عليهالسلام في سلك أويس القرني والنجاشي وأضرابهما ممن لم يمكنه الإتيان إليه صلىاللهعليهوسلم بعيد عن الإنصاف وإن لم نقل بوجوب الإتيان عليه عليهالسلام ، وكيف يقول منصف بإمامته صلىاللهعليهوسلم لجميع الأنبياء عليهمالسلام واقتداء جميعهم به ليلة المعراج ولا يرى لزوم الإتيان على الخضر عليهالسلام والاجتماع معه صلىاللهعليهوسلم مع أنه لا مانع له من ذلك بحسب الظاهر ، ومتى زعم أحد أن نسبته إلى نبينا صلىاللهعليهوسلم كنسبته إلى موسى عليهالسلام فليجدد إسلامه ، ودعوى أنه كان يأتي ويتعلم خفية لعدم أمره بذلك علانية