والنووي مسلم لكنه ليس الإجماع الذي هو أحد الأدلة الشرعية والخصم لا يقنع إلا به وهو الذي نفاه فأنى بإثباته ، ولعل الخصم لا يعتبر أيضا إجماع المشايخ قدست أسرارهم إجماعا هو أحد الأدلة ، وعن السادس بأن له علامات عند أهله ككون الأرض تخضر عند قدمه وأن طول قدمه ذراع وربما يظهر منه بعض خوارق العادات بما يشهد بصدقه ، على أن المؤمن يصدق بقوله بناء على حسن الظن به ، وقد شاع بين زاعمي رؤيته عليهالسلام أن من علاماته أن إبهام يده اليمنى لا عظم فيه وأن بؤبؤ إحدى عينيه يتحرك كالزئبق ، وتعقب بأنه بأي دليل ثبت أن هذه علاماته قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
والذي ثبت في الحديث الصحيح أنه إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء وأين فيه ثبوت ذلك له دائما ، وكون طول قدمه ذراعا إنما جاء في خبر محمد بن المنكدر السابق عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ولا نسلم صحته ، على أن زاعمي رؤيته يزعمون أنهم يرونه في صور مختلفة ولا يكاد يستقر له عليهالسلام قدم على صورة واحدة ، وظهور الخوارق مشترك بينه وبين غيره من أولياء الأمة فيمكن أن يظهر ولي خارقا ويقول : أنا الخضر مجازا لأنه على قدمه أو لاعتبار آخر ويدعوه لذلك داع شرعي ، وقد صح في حديث الهجرة أنه صلىاللهعليهوسلم لما قيل له ممن القوم؟ قال : من ما فظن السائل أن ما اسم قبيلة ولم يعن صلىاللهعليهوسلم إلا أنهم خلقوا من ماء دافق ، وقد يقال للصوفي : إن أنا الخضر مع ظهور الخوارق لا تيقن منه أن القائل هو الخضر بالمعنى المتبادر في نفس الأمر لجواز أن يكون ذلك القائل ممن هو فان فيه لاتحاد المشرب ، وكثيرا ما يقول الفاني في شيخه أنا فلان ويذكر اسم شيخه ، وأيضا متى وقع من بعضهم قول : أنا الحق وما في الجبة إلا الله لم يبعد أن يقع أنا الخضر ، وقد ثبت عن كثير منهم نظما ونثرا قول : أنا آدم أنا نوح أنا إبراهيم أنا موسى أنا عيسى أنا محمد إلى غير ذلك مما لا يخفى عليك وذكروا له محملا صحيحا عندهم فليكن قول : أنا الخضر ممن ليس بالخضر على هذا الطرز ، ومع قيام هذا الاحتمال كيف يحصل اليقين؟ وحسن الظن لا يحصل منه ذلك.
وعن السابع بأنا لا نسلم اجتماعه بجهلة العباد الخارجين عن الشريعة ولا يلتفت إلى قولهم فالكذابون الدجالون يكذبون على الله تعالى وعلى رسوله صلىاللهعليهوسلم فلا يبعد أن يكذبوا على الخضر عليهالسلام ويقولوا قال وجاء إنما القول باجتماعه بأكابر الصوفية والعباد المحافظين على الحدود الشرعية فإنه قد شاع اجتماعه بهم حتى أن منهم من طلب الخضر مرافقته فأبى ، وروي ذلك عن علي الخواص رحمة الله تعالى عليه في سفر حجه ، وسئل عن سبب إبائه فقال : خفت من النقص في توكلي حيث اعتمد على وجوده معي.
وتعقب بأن اجتماعه بهم واجتماعهم به يحتمل أن يكون من قبيل ما يذكرونه من اجتماعهم بالنبي صلىاللهعليهوسلم واجتماعه عليه الصلاة والسلام بهم ، وذلك أن الأرواح المقدسة قد تظهر متشكلة ويجتمع بها الكاملون من العباد ، وقد صح أنه صلىاللهعليهوسلم رأى موسى عليهالسلام قائما يصلي في قبره ورآه في السماء ورآه يطوف بالبيت. وادعى الشيخ الأكبر قدسسره الاجتماع مع أكثر الأنبياء عليهمالسلام لا سيما مع إدريس عليهالسلام فقد ذكر أنه اجتمع به مرارا وأخذ منه علما كثيرا بل قد يجتمع الكامل بمن لم يولد بعد كالمهدي ، وقد ذكر الشيخ الأكبر أيضا اجتماعه معه ، وهذا ظاهر عند من يقول : إن الأزل والأبد نقطة واحدة والفرق بينهما بالاعتبار عند المتجردين عن جلابيب أبدانهم ، ولعل كثرة هذا الظهور والتشكل من خصوصيات الخضر عليهالسلام ، ومع قيام هذا الاحتمال لا يحصل يقين أيضا بأن الخضر المرئي موجود في الخارج كوجود سائر الناس فيه كما لا يخفى.
ومما يبنى على اجتماعه عليهالسلام بالكاملين من أهل الله تعالى بعض طرق إجازتنا بالصلاة البشيشية فإني