ولقد رأيت معاشرا |
|
قد ثمروا مالا وولدا |
وقيل هو لغة في ولد كالعرب والعرب ، وأنشدوا له قوله :
فليت فلانا كان في بطن أمه |
|
وليت فلانا كان ولد حمار |
والحق أنه ورد في كلام العرب مفردا وجمعا وكلاهما صحيح هنا. وقرأ عبد الله ويحيى بن يعمر «ولدا» بكسر الواو وسكون اللام وهو بمعنى ذلك ، وقوله تعالى : (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ) رد لكلمته الشنعاء وإظهار لبطلانها إثر ما أشير إليه بالتعجيب منها ، فالجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب ، وقيل : إنها في محل نصب واقعة موقع مفعول ثان لأرأيت على أنه بمعنى أخبرني وهو كما ترى ، والهمزة للاستفهام ، والأصل أأطلع فحذفت همزة الوصل تخفيفا ، وقرأ «أطلع» بكسر الهمزة وحذف همزة الاستفهام لدلالة أم عليها كما في قوله : بسبع رمين الجمر أم بثمان والفعل متعد بنفسه وقد يتعدى بعلى وليس بلازم حتى تكون الآية من الحذف والإيصال ، والمراد من الطلوع الظهور على وجه العلو والتملك ولذا اختير على التعبير بالعلم ونحو ـ أي أقد بلغ من عظمة الشأن إلى أن ارتقى علم الغيب الذي استأثر به العليم الخبير جل جلاله حتى ادعى علم أن يؤتى في الآخرة مالا وولدا وأقسم عليه ، وعن ابن عباس أن المعنى انظر في اللوح المحفوظ (أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) قال لا إله إلا الله يرجو بها ذلك ، وعن قتادة العهد العمل الصالح الذي وعد الله تعالى عليه الثواب ، فالمعنى أعلم الغيب أم عمل عملا يرجو ذلك في مقابلته. وقال بعضهم : العهد على ظاهره. والمعنى أعلم الغيب أم أعطاه الله تعالى عهدا وموثقا وقال له : إن ذلك كائن لا محالة.
ونقل هذا عن الكلبي ، وهذه مجاراة مع العين بحسب منطوق مقاله كما أن كلامه كذلك ، والتعرض لعنوان الرحمانية للإشعار بعلية الرحمة لإيتاء ما يدعيه (كَلَّا) ردع وزجر عن التفوه بتلك العظيمة ، وفي ذلك تنبيه على خطئه. وهذا مذهب الخليل وسيبويه والأخفش والمبرد وعامة البصريين في هذا الحرف وفيه مذاهب لعلنا نشير إليها إن شاء الله تعالى ، وهذا أول موضع وقع فيه من القرآن ، وقد تكرر في النصف الأخير فوقع في ثلاثة وثلاثين موضعا ولم يجوز أبو العباس الوقف عليه في موضع.
وقال الفراء : هو على أربعة أقسام ، أحدها ما يحسن الوقف عليه ويحسن الابتداء به والثاني ما يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء به ، والثالث ما يحسن الابتداء به ولا يحسن الوقف عليه ، والرابع ما لا يحسن فيه شيء من الأمرين ، أما القسم الأول ففي عشرة مواضع ما نحن فيه وقوله تعالى : (لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا) [مريم : ٨١] وقوله سبحانه (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا) [المؤمنون : ١٠٠] وقوله عزوجل (الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ كَلَّا) [سبأ : ٢٧] وقوله تبارك وتعالى (أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّا) [المعارج : ٣٨ ، ٣٩] وقوله جل وعلا (أَنْ أَزِيدَ كَلَّا) [المدثر : ١٥ ، ١٦] وقوله عزّ اسمه (صُحُفاً مُنَشَّرَةً كَلَّا) [المدثر : ٥٢ ، ٥٣] وقوله سبحانه وتعالى (رَبِّي أَهانَنِ كَلَّا) [الفجر : ١٦ ، ١٧] وقوله تبارك اسمه (أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ كَلَّا) [الهمزة : ٣ ، ٤] وقوله تعالى شأنه (ثُمَّ يُنْجِيهِ كَلَّا) [المعارج : ١٤ ، ١٥] فمن جعله في هذه المواضع ردا لما قبله وقف عليه ومن جعله بمعنى ألا التي للتنبيه أو بمعنى حقا ابتدأ به وهو يحتمل ذلك فيها ، وأما القسم الثاني ففي موضعين قوله جل جلاله حكاية (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ قالَ كَلَّا) [الشعراء : ١٤ ، ١٥] وقوله عزّ شأنه (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قالَ كَلَّا) [الشعراء : ٦١ ، ٦٢] وأما الثالث ففي تسعة عشر موضعا قوله تعالى شأنه : (كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ) [عيسى : ١١] (كَلَّا وَالْقَمَرِ) [المدثر : ٣٢] (كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) [الانفطار : ٩] (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) [القيامة : ٢٦] (كَلَّا لا وَزَرَ) [القيامة : ١١] (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) [القيامة : ٢٠] (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) [النبأ : ٤] (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) [عبس : ١٣] (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى