ترسمون وكيف نأتي ونذر كما كنتم من قبل أو يسألكم الوافدون نوالكم إما لأنهم كانوا أسخياء ينفقون أموالكم رئاء الناس وطلب الثناء أو كانوا بخلاء فقيل لهم ذلك تهكما إلى تهكم ، وقيل على الرواية المتقدمة المعنى لعلكم تسألون صلحا أو جزية أو أمرا تتفقون مع الملك عليه ، وقيل المراد بمساكنهم النار فيكون المراد بارجعوا إلى مساكنكم ادخلوا النار تهكما ، والمراد بالسؤال عن الأعمال أو المراد به العذاب على سبيل المجاز المرسل بذكر السبب وإرادة المسبب أي ادخلوا النار كي تسألوا أو تعذبوا على ظلمكم وتكذيبكم بآيات الله تعالى وهو خلاف الظاهر كما لا يخفى.
(قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (١٤) فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (١٥) وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (١٦) لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ (١٧) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ (٢٠) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢) لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ)(٢٤)
(قالُوا) لما يئسوا من الخلاص بالهرب وأيقنوا استيلاء العذاب (يا وَيْلَنا) يا هلاكنا (إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) بآيات الله تعالى مستوجبين للعذاب ، وهذا اعتراف منهم بالظلم واستتباعه للعذاب وندم عليه حين لا ينفعهم ذلك ، وقيل على الرواية السالفة إن هذا الندم والاعتراف كان منهم حين أخذتهم السيوف ونادى مناد من السماء يا لثارات الأنبياء (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ) أي فما زالوا يرددون تلك الكلمة ، وتسميتها دعوى بمعنى الدعوة فإنه يقال دعا دعوى ودعوة لأن المولول كأنه يدعو الويل قائلا يا ويل تعال فهذا أوانك.
وجوّز الحوفي والزمخشري وأبو البقاء كون (تِلْكَ) اسم زال و (دَعْواهُمْ) خبرها والعكس ، قال أبو حيان : وقد قال ذلك قبلهم الزجاج وأما أصحابنا المتأخرون فعلى أن اسم كان وخبرها مشبه بالفاعل والمفعول فكما لا يجوز في الفاعل والمفعول التقدم والتأخر إذا أوقع ذلك في اللبس لعدم ظهور الإعراب لا يجوز في باب كان ولم ينازع فيه أحد إلا أبو العباس أحمد بن الحاج من نبهاء تلاميذ الشلوبين اه.
وقال الفاضل الخفاجي : إن ما ذكره ابن الحاج في كتاب المدخل أنه ليس فيه التباس وأنه من عدم الفرق بين الالتباس وهو أن يفهم منه خلاف المراد والإجمال وهو أن لا يتعين فيه أحد الجانبين. ولأجل هذا جوزه ، وما ذكره محل كلام وتدبر.
وفي حواشي الفاضل البهلوان على تفسير البيضاوي إن هذا في الفاعل والمفعول وفي المبتدأ والخبر إذا انتفى الإعراب ، والقرينة مسلم مصرح به ، وأما في باب كان وأخواتها فغير مسلم ا ه.
والظاهر أنه لا فرق بين باب كان وغيرها مما ذكر وإن سلم عدم التصريح لاشتراك ما ذكروه علة للمنع ثم إن ذلك إلى الالتباس أقرب منه إلى الإجمال لا سيما في الآية في رأي فافهم (حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) أي إلى