وجل نصيبا وافيا منه فكنت أكثر التلامذة تواضعا وخدمة للمشايخ والحمد لله تعالى على ذلك (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) فيعلم ما تأتون وما تذرون مما كلفتموه فيجازيكم عليه.
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (٢٩) قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١) وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٣٣)
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا) أي بغير استئذان (بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ) أي موضوعة لسكنى طائفة مخصوصة فقط بل ليتمتع بها من يحتاج إليها كائنا من كان من غير أن يتخذها سكنا كالربط والخانات والحوانيت والحمامات وغيرها فإنها معدة لمصالح الناس كافة كما ينبئ عنه قوله تعالى : (فِيها مَتاعٌ لَكُمْ) فإنه صفة للبيوت أو استئناف جار مجرى التعليل لنفي الجناح أي فيها حق تمتع لكم كالاستكنان من الحر والبرد وإيواء الأمتعة والرحال والشراء والبيع والاغتسال وغيرها مما يليق بحال البيوت وداخليها فلا بأس بدخولها بغير استئذان من داخليها من قبل ولا ممن يتولى أمرها ويقوم بتدبيرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل أنه لما نزل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا) إلخ قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه : يا رسول الله فكيف بتجار قريش الذين يختلفون من مكة والمدينة والشام وبيت المقدس ولهم بيوت معلومة على الطريق فكيف يستأذنون ويسلمون وليس فيها سكان؟ فرخص سبحانه في ذلك فأنزل قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ) إلخ ، وعنى الصديق رضي الله تعالى عنه بالبيوت المعلومة الخانات التي في الطرق وهي في الآية أعم من ذلك ، ولا عبرة بخصوص السبب فما روي عن ابن جبير ومحمد بن الحنفية والضحاك وغيرهم من تفسيرها فيها بذلك من باب التمثيل ، وكذا ما أخرجه جماعة عن عطاء وعبد بن حميد وإبراهيم النخعي أنها البيوت الخربة التي تدخل للتبرز ، وأما ما روي عن ابن الحنفية أيضا من أنها دور مكة فهو من باب التمثيل أيضا لكن صحة ذلك مبنية