ويشمل أيضا من دون المراهق لكنه بحيث يحكي ما يراه على وجهه. وذكروا في غير المراهق أنه إن كان بهذه الحيثية فكالمحرم وإلا فكالعدم فيباح بحضوره ما يباح في الخلوة فلا تغفل.
والظاهر أن (الطِّفْلِ) عطف على قوله تعالى : (لِبُعُولَتِهِنَ) أو على ما بعده من نظائره لا على (الرِّجالِ) وكلام أبي حيان ظاهر في أنه عطف عليه وليس بشيء ، ثم هو مفرد محلى بال الجنسية فيعم ولهذا كما قال في البحر : وصف بالجمع فكأنه قيل : أو الأطفال كما هو المروي عن مصحف حفصة ، ومثل ذلك قولهم : أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض ، وقيل هو مفرد وضع موضع الجمع ، ونحوه قوله تعالى : (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) [غافر : ٦٧].
وتعقب بأن وضع المفرد موضع الجمع لا ينقاس عند سيبويه وما هنا عنده من باب المفرد المعرف بلام الجنس وهو يعم بدليل صحة الاستثناء منه ، والآية المذكور يحتمل أن تكون عنده على معنى ثم يخرج كل واحد منكم طفلا كما قيل في قوله تعالى : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) [يوسف : ٣١] أنه على معنى واعتدت لكل واحدة منهن متكأ فلا يتعين كون «طفلا» فيها مما لا ينقاس عنده ، وقال الراغب : إن «طفلا» يقع على الجمع كما يقع على المفرد ونص على ذلك الجوهري ، وكذا قال بعض النحاة : إنه في الأصل مصدر فيقع على القليل والكثير والأمر على هذا ظاهر جدا ، والعورات جمع عورة وهي في الأصل ما يحترز من الاطلاع عليه وغلبت في سوأة الرجل والمرأة ؛ ولغة أكثر العرب تسكين الواو في الجمع وهي قراءة الجمهور.
وروي عن ابن عامر أنه قرأ «عورات» بفتح الواو ، والمشهور أن تحريك الواو وكذا الياء في مثل هذا الجمع لغة هذيل بن مدركة. ونقل ابن خالويه في كتاب شواذ القراءات أن ابن أبي إسحاق والأعمش قرأ «عورات» بالفتح ثم قال : وسمعنا ابن مجاهد يقول : هو لحن ، وإنما جعله لحنا وخطأ من قبل الرواية وإلا فله مذهب في العربية فإن بني تميم يقولون : روضات وجوزات وعورات بالفتح فيها وسائر العرب بالإسكان ، وقال الفراء : العرب على تخفيف ذلك إلا هذيلا فتثقل ما كان من هذا النوع من ذوات الياء والواو ؛ وأنشدني بعضهم:
أبو بيضات رائح متأدب |
|
رفيق بمسح المنكبين سبوح |
(وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ) أي ما يسترنه عن الرؤية (مِنْ زِينَتِهِنَ) أي لا يضربن بأرجلهن الأرض ليتقعقع خلاخلهن فيعلم أن هن ذوات خلاخل فإن ذلك مما يورث الرجال ميلا إليهن ويوهم أن لهن ميلا إليهم. أخرج ابن جرير عن حضرمي أن امرأة اتخذت خلخالا من فضة واتخذت جزعا فمرت على قوم فضربت برجلها فوقع الخلخال على الجزع فصوت فأنزل الله تعالى (وَلا يَضْرِبْنَ) إلخ ، والنساء اليوم على جعل الخرز ونحوها في جوف الخلخال فإذا مشين به ولو هونا صوت ، ولهن من أنواع الحلي غير الخلخال ما يصوت عند المشي أيضا لا سيما إذا كان مع ضرب الرجل وشدة الوطء ، ومن الناس من يحرك شهوته وسوسة الحلي أكثر من رؤيته. وفي النهي عن إبداء صوت الحلي بعد النهي عن إبداء عينه من النهي عن إبداء مواضعه ما لا يخفى. وربما يستدل بهذا النهي على النهي عن استماع صوتهن.
والمذكور في معتبرات كتب الشافعية وإليه أميل أن صوتهن ليس بعورة فلا يحرم سماعه إلا إن خشي منه فتنة ، وكذا إن التذ به كما بحثه الزركشي. وأما عند الحنفية فقال الإمام ابن الهمام : صرح في النوازل أن نغمة المرأة عورة ولذا قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «والتكبير للرجال والتصفيق للنساء» فلا يحسن أن يسمعها الرجل ا ه.
ثم اعلم أن عندي مما يلحق بالزينة المنهي عن إبدائها ما يلبسه أكثر مترفات النساء في زماننا فوق ثيابهن