ويتسترن به إذا خرجن من بيوتهن وهو غطاء منسوج من حرير ذي عدة ألوان وفيه من النقوش الذهبية أو الفضية ما يبهر العيون ، وأرى أن تمكين أزواجهن ونحوهم لهن من الخروج بذلك ومشيهن به بين الأجانب من قلة الغيرة وقد عمت البلوى بذلك ، ومثله ما عمت به البلوى أيضا من عدم احتجاب أكثر النساء من إخوان بعولتهن وعدم مبالاة بعولتهن بذلك وكثيرا ما يأمرونهن به.
وقد تحتجب المرأة منهم بعد الدخول أياما إلى أن يعطوها شيئا من الحلي ونحوه فتبدو لهم ولا تحتجب منهم بعد وكل ذلك ما لم يأذن به الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم وأمثال ذلك كثير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً) تلوين للخطاب وصرف له عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الكل بطريق التغليب لإبراز كمال العناية بما في حيزه من أمر التوبة وأنها من معظمات المهمات الحقيقية بأن يكون سبحانه وتعالى الآمر بها لما أنه لا يكاد يخلو أحد من المكلفين عن نوع تفريط في إقامة مواجب التكاليف كما ينبغي لا سيما في الكف عن الشهوات.
وقد أخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد ومسلم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن الأغر رضي الله تعالى عنه قال : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إليه كل يوم مائة مرة» والمراد بالتوبة على هذا التوبة عما في الحال ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المراد التوبة عما كانوا يفعلونه قبل من إرسال النظر وغير ذلك وهو وإن جب بالإسلام لكنه يلزم الندم عليه والعزم على الكف عنه كلما يتذكر ، وقد قالوا : إن هذا يلزم كل تائب عن خطيئة إذا تذكرها ، ومنه يعلم أن ما يفعله كثير ممن يزعمون التوبة من نقل ما فعلوه من الذنوب على وجه التبجح والاستلذاذ دليل عن عدم صدق توبتهم.
وفي تكرير الخطاب بقوله تعالى : (أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) تأكيد للإيجاب وإيذان بأن وصف الإيمان موجب للامتثال حتما ، وفي دليل على أن المعاصي لا تخرج عن الإيمان. وقرأ ابن عامر «أيه المؤمنون» بضم الهاء ، ووجهه أنها كانت مفتوحة لوقوعها قبل الألف فلما سقطت الألف لالتقاء الساكنين أتبعت حركتها حركة ما قبلها ، وضم ها التي للتنبيه بعد أي لغة لبني مالك رهط شقيق بن مسلمة ووقف بعضهم بسكون الهاء لأنها كتبت في المصحف بلا ألف بعدها. ووقف أبو عمرو والكسائي ويعقوب. كما في النشر. بالألف على خلاف الرسم (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي لكي تفوزوا بذلك بسعادة الدارين أو مرجوا فلا حكم.
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) بعد ما زجر سبحانه عن السفاح ومباديه القريبة والبعيدة أمر بالنكاح فإنه مع كونه مقصودا بالذات من حيث كونه مناطا لبقاء النوع على وجه سالم من اختلاط الأنساب مزجرة من ذلك.
و (الْأَيامى). كما نقل في التحرير عن أبي عمرو وإليه ذهب الزمخشري. مقلوب أيايم جمع أيم لأن فيعل لا يجمع على فعالى أي إن أصله ذلك فقدمت الميم وفتحت للتخفيف فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها وذهب ابن مالك ومن تبعه إلى أنه جمع شاذ لا قلب فيه ووزنه فعالى وهو ظاهر كلام سيبويه ، والأيم قال النضر بن شميل : كل ذكر لا أنثى معه وكل أنثى لا ذكر معها بكرا أو ثيبا ويقال : آم وآمت إذا لم يتزوجا بكرين كانا أو ثيبين وقال :
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي |
|
وإن كنت أفتى منكم أتأيم |
وقال التبريزي في شرح ديوان أبي تمام : قد كثر استعمال هذه الكلمة في الرجل إذا ماتت امرأته وفي المرأة إذا مات زوجها ، وفي الشعر القديم ما يدل على أن ذلك بالموت وبترك الزوج من غير موت قال الشماخ :
يقر لعيني أن أحدث أنها |
|
وإن لم أنلها أيم لم تزوج |
انتهى ، وفي شرح كتاب سيبويه لأبي بكر الخفاف : الأيم التي لا زوج لها وأصله التي كانت متزوجة ففقدت