زوجها برزء طرأ عليها ثم قيل في البكر مجازا لأنها لا زوج لها ، وعن محمد أنها الثيب واستدل له بما روي أنهصلىاللهعليهوسلم قال : «الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها» حيث قابلها بالبكر ، وفيه أنه يجوز أن تكون مشتركة لكن أريد منها ذلك لقرينة المقابلة ؛ والأكثرون على ما قاله النضر أي زوجوا من لا زوج له من الأحرار والحرائر (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) على أن الخطاب للأولياء والسادات ، والمراد بالصلاح معناه الشرعي ، واعتباره في الأرقاء لأن من لا صلاح له منهم بمعزل من أن يكون خليقا بأن يعتني مولاه بشأنه ويشفق عليه ويتكلف في نظم مصالحه بما لا بد منه شرعا وعادة من بذل المال والمنافع بل ربما يحصل له ضرر منه بتزويجه فحقه أن يستبقيه عنده ولما لم يكن من لا صلاح له من الأحرار والحرائر بهذه المثابة لم يعتبر صلاحهم ، وقيل المراد بالصلاح معناه اللغوي أي الصالحين للنكاح والقيام بحقوقه ، والأمر هنا قيل للوجوب وإليه ذهب أهل الظاهر ، وقيل للندب وإليه ذهب الجمهور.
ونقل الإمام عن أبي بكر الرازي أن الآية وإن اقتضت الإيجاب إلا أنه أجمع السلف على أنه لم يرد الإيجاب ، ويدل عليه أمور ، أحدها أن الانكاح ولو كان واجبا لكان النقل بفعله من النبي صلىاللهعليهوسلم ومن السلف مستفيضا شائعا لعموم الحاجة فلما وجدنا عصره عليه الصلاة والسلام وسائر الأعصار بعده قد كانت فيه أيامى من الرجال والنساء ولم ينكر ذلك ثبت أنه لم يرد بالأمر والإيجاب ، وثانيها أنا أجمعنا على أن الأيم الثيب لو أبت التزويج لم يكن للولي إجبارها ، وثالثها اتفاق الكل على أنه لا يجب على السيد تزويج أمته وعبده فيقتضي للعطف عدم الوجوب في الجميع ، ورابعها أن اسم الأيامى ينتظم الرجال والنساء فلما لزم في الرجال تزويجهم بإذنهم لزم ذلك في النساء انتهى ، وقال الإمام نفسه : ظاهر الأمر للوجوب فيدل على أن الولي يجب عليه تزويج مولاته وإذا ثبت هذا وجب أن لا يجوز النكاح إلّا بولي وإلا لفوتت المولية على الولي المكنة من أداء هذا الواجب وإنه غير جائز. والجواب عما نقل عن أبي بكر أن جميع ما ذكره تخصيصات تطرقت إلى الآية والعام بعد التخصيص يبقى حجة فوجب إذا التمست المرأة الأيم من الولي التزويج وجب انتهى. وفي الإكليل استدل بعموم الآية من أباح نكاح الإماء بلا شرط ونكاح العبد الحرة.
وأنت تعلم أنها لم تبق على العموم ، والذي أميل إليه أن الأمر لمطلق الطلب وأن المراد من الإنكاح المعاونة والتوسط في النكاح أو التمكين فيه ، وتوقف صحته في بعض الصور على الولي يعلم من دليل آخر.
والاستدلال بهذه الآية على اشتراط الولي وعلى أن له الجبر في بعض الصور لا يخلو عن بحث ودون تمامه خرط القتاد فتدبر وقرأ الحسن ومجاهد «من عبيدكم» بالياء مكان الألف وفتح العين وهو كالعباد جمع عبد إلا أن استعماله في المماليك أكثر من استعمال العباد فيهم (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) الظاهر أنه وعد من الله عزوجل بالإغناء ، وأخرج ذلك ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ؛ ولا يبعد أن يكون في ذلك سد لباب التعلل بالفقر وعده مانعا من المناكحة.
وفي الآية شرط مضمر وهو المشيئة فلا يرد أن كثيرا من الفقراء تزوج ولم يحصل له الغنى ودليل الإضمار قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ) [التوبة : ٢٨] وكونه واردا في منع الكفار عن الحرم لا يأبى الدلالة كما توهم أو قوله تعالى : (وَاللهُ واسِعٌ) أي غني ذو سعة لا يرزؤه إغناء الخلائق إذ لا نفاد لنعمته ولا غاية لقدرته (عَلِيمٌ) يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة فإن مآل هذا إلى المشيئة وهو السر في اختيار (عَلِيمٌ) يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة فإن مآل هذا إلى المشيئة وهو السر في اختيار (عَلِيمٌ) دون كريم مع أنه أوفق بواسع نظرا إلى الظاهر. وفي الانتصاف فإن قيل العزب كذلك