ومن العرب من يُعرب «حيث» ، وقراءة من قرأ (مِنْ حيث لا يَعْلَمُونَ) (الأعراف /١٨٢) بالكسر تحتملها وتحتمل لغة البناء على الكسر.
وهي للمكان اتفاقاً ، قال الأخفش : وقد ترد للزمان ، والغالب كونها في محلّ نصب على الظرفيّة أو خفض بـ «من» وقد تخفض بغيرها كقول زهير بن أبي سلمى :
٩٩ ـ فشَدّ ولم تُفزع بيوتٌ كثيرةٌ |
|
لدى حيثُ ألقتْ رحلها أمُّ قشعم (١) |
وقد تقع مفعولاً به وفاقاً للفارسي ، وحمل عليه : (الله أعلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (الأنعام / ١٢٤) ؛ إذ المعنى : أنه سبحانه وتعالى يعلم نفس المكان المستحقّ لوضع الرسالة فيه ، لا شيئاً في المكان. وناصبها «يعلم» محذوفاً مدلولاً عليه بـ «أعلم» لا بـ «أعلم» نفسه؛ لأن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به فإن أوّلته بـ «عالم» جاز أن ينصبه في رأي بعضهم.
وتلزم «حيث» الإضافة إلى الجملة اسمية كانت أو فعلية وإضافتها إلى الفعلية أكثر ، نحو قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : «اللهم أدرالحقّ مع عليّ حيث دار» (٢) ومن ثَمّ رُجّح النصب في نحو : «جلست حيث زيداً أراه». وندرت إضافتها إلى المفرد كقول فاطمة الزهراء (عليها السلام) في رثاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :
١٠٠ ـ فأنت والله خيرُ الخلق كلّهم |
|
وأصدقُ الناس حيث الصدق والكذب (٣) |
والكسائي يقيسه.
قال أبوالفتح في كتاب التمام : ومن أضاف «حيث» إلى المفرد أعربها ، انتهى.
__________________
١ ـ شرح شواهد المغني : ١/٣٨٤ و ٣٨٥.
٢ ـ التفسير الكبير : ١/ ٢٠٥.
٣ ـ عوالم العلوم : ١١/ ٤٥٣.