صرح بجميعها ، قال : فالتقدير في نحو : «ما قام زيد ولكن عمرو» : ولكن قام عمرو ، وفي (ما كانَ مُحمّدٌ أبا أحَد مِنْ رِجالِكُمْ ولكِنْ رَسُولَ الله وخاتَمَ النّبِيّينَ) (الأحزاب /٤٠) : ولكن كان رسول الله. وعلة ذلك أنّ الواو لا تعطف مفرداً على مفرد مخالف له في الإيجاب والسلب ، بخلاف الجملتين المتعاطفتين فيجوز تخالفهما فيه ، نحو : «قام زيد ولم يقم عمرو» ، والثالث لابن عصفور : أنّ «لكن» عاطفة ، والواو زائدة لازمة ، الرابع لابن كَيْسان : أنّ «لكن» عاطفة ، والواو زائدة غير لازمة.
(لكنَّ)
حرف ينصب الاسم ويرفع الخبر ، وفي معناه ثلاثة أقوال :
أحدها : وهو المشهور : أنّه واحد ، وهو الاستدراك ، وفُسّرَ بأن تنسب لما بعدها حكماً مخالفاً لحكم ما قبلها ، ولذلك لابد أن يتقدمها كلامٌ مُناقض لما بعدها ، نحو : «ما هذا ساكناً لكنّه متحرك» أو ضد له ، نحو : «ما هذا أبيضَ لكنه أسود» قيل : أو خلاف ، نحو : «ما زيد قائماً لكنه شارب» وقيل : لا يجوز ذلك.
الثاني : أنها ترد تارة للاستدراك وتارة للتوكيد ، قاله جماعة منهم صاحب البسيط ، وفسروا الاستدراك برفع ما يُتوّهم ثبوتُه ، نحو : «ما قام زيد ، لكنَّ عمراً قام» وذلك إذا كان بين الرجلين تلابس أو تماثل في الطريقة ، ومثلوا للتوكيد بنحو «لو جاءني أكرمته لكنه لم يجىء» فأكدت ما أفادته «لو» من الامتناع.
الثالث : أنها للتوكيد دائماً مثل «إنّ» ، ويصحب التوكيدَ معنى الاستدراك ، وهو قول ابن عصفور.
والبصريون على أنها بسيطة ، وقال الفراء : أصلها «لكنْ أنّ» فطرحت الهمزة للتخفيف ، ونون «لكنْ» للساكنين ، كقول النجاشي الحارثي :