الخامس : أن منفي «لما» جائز الحذف لدليل ، كقوله (١) :
٢٣١ ـ فَجِئْتُ قُبُورَهُم بَدْأ ولما |
|
فنادَيتُ القبورَ فلم يُجِبْنَهْ |
أي : ولما أكن بدأ قبل ذلك ، أي : سيداً ، ولا يجوز : «وصلت إلى بغداد ولم» تريد ولم أدخلها.
وعلة هذه الأحكام كلها أن «لم» لنفي «فَعَلَ» ، و «لما» لنفي «قد فَعَلَ».
الثاني : من أوجه «لما» : أن تختصَّ بالماضي؛ فتقتضي جملتين وجدت ثانيتهما عند وجود اُولاهما ، نحو قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لما عرج بي إلى السماء رأيتُ مكتوباً على ساق العرش بالنور لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ، أيّدتُه بعلي» (٢) ويقال فيها : حرف وجود لوجود ، وبعضهم يقول : حرف وجوب لوجوب ، وزعم ابن السراج وتبعه الفارسي وتبعهما ابن جني وتبعهم جماعة أنها ظرف بمعنى «حين» وقال ابن مالك : بمعنى «إذ» وهو حسن؛ لأنها مختصة بالماضي وبالإضافة إلى الجملة.
وردّ ابن خروف على مُدّعي الاسمية بجواز أن يقال : «لما أكرمتني أمس أكرمتك اليوم» ؛ لأنها إذا قُدّرت ظرفاً كان عاملها الجواب والواقع في اليوم لايكون في الأمس.
والجواب : أن هذا مثلُ (إنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) (المائدة /١١٦) والشرط لايكون إلاّ مستقبلاً ، ولكن المعنى : إن ثبت أني كنت قلته ، وكذا هنا المعنى : لما ثبت اليومَ إكرامُك لي أمس أكرمتك.
__________________
١ ـ قال البغدادي : هو لرّجلٍ من بني أسد. شرح أبيات مغني اللبيب : ٥/١٥١.
٢ ـ مناقب ابن شهر آشوب : ١/٢٩٦.