وقال الله تعالى : (يُحَلَّونَ فيها مِنْ أساوِرَ مِنْ ذَهَب ويَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُس وإستَبْرق) (الكهف /٣١) الشاهد في غير الاُولى فإن تلك للابتداء ، وقيل : زائدة ، وأنكر مجيء «من» لبيان الجنس قوم ، وقالوا : هي في «مِنْ ذهَب» و «مِنْ سُنْدُس» للتبعيض. وهذا تكلف.
الرابع : التعليل ، نحو قوله تعالى : (مِمّا خَطيئاتِهِم أُغرقُوا) (نوح /٢٥) وقول الفرزدق في الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) :
٢٨٩ ـ يُغضي حَياءً ويُغضى من مهابتهِ |
|
فلا يكلّم إلاّ حين يبتسم (١) |
الخامس : البدل ، نحو : (أرضِيتُمْ بِالحَياة الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ) (التوبة /٣٨) (لَنْ تُغْنيَ عَنْهُم أمْوالُهُم ولا أولادُهُمْ مِنَ الله شَيئاً) (آل عمران /١٠) أي : بدل طاعة الله ، أو بدل رحمة الله ، «ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ» أي لا ينفع ذا الحظ من الدنيا حظه بدلك ، أي : بدل طاعتك أو بدل حظك ، أي بدل حظه منك ، وقيل : ضمن «ينفع» معنى «يمنع» ومتى علّقت «من» بـ «الجد» انعكس المعنى.
وأنكر قوم مجيء «مِنْ» للبدل؛ فقالوا : التقدير في (أرَضِيتُمْ بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ) (التوبة /٣٨) : أرضيتم بالحَياة الدنيا بدلاً منها؛ فالمفيد للبدلية متعلقها المحذوف ، وأما هي فللابتداء ، وكذا الباقي.
السادس : مرادفة «عن» ، نحو : (فَوَيلٌ لِلقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ الله) (الزمر/٢٢) وقيل : هي للابتداء ، أو للتعليل ، أي : من أجل ذكر الله؛ لأنه إذا ذكر قست قلوبهم.
__________________
١ ـ شرح شواهد المغني : ٢/٧٣٢.