(أمّا)
أمّا وقد تبدل ميمها الاُولى ياء ، وهو حرف شرط وتفصيل وتوكيد.
أما أنها شرط : فبدليل لزوم الفاء بعدها ، نحو : (فَأمّا الّذينَ آمنُوا فَيَعْلمُونَ أنّهُ الحَقُّ مِنْ رَبّهِمْ وأمّا الّذينَ كَفَرُوا فَيَقُولونَ) (البقرة /٢٦) الآية ، ولو كانت الفاء للعطف لم تدخل على الخبر؛ إذ لا يعطف الخبر على مبتدأه ، ولو كانت زائدة لصح الاستغناء عنها ، ولما لم يصح ذلك وقد امتنع كونها للعطف ، تعيّن أنها فاء الجزاء.
وقد تحذف الفاء للضرورة (١) كقول الحارث بن خالد :
٣٧ ـ فأما القتال لاقتال لدَيكم |
|
ولكنّ سيراً في عِراض المواكب (٢) |
فإن قلت : فقد حذفت في قوله تعالى : (فَأمّا الّذينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أكَفرتُمْ بَعْد إيمانِكُمْ) (آل عمران /١٠٦).
قلنا : الأصل : فيقال لهم أكفرتم ، فحذف القول استغناء عنه بالمقول ، فتبعته الفاء في الحذف ، وربّ شيء يصح تبعاً ولايصح استقلالاً.
وأمّا التفصيل : فهو غالب حالها كما تقدّم في آية البقرة ، ومن ذلك قول أميرالمؤمنين (عليه السلام) : «ألا وقد أمرني الله بقتال أهل الْبَغْي والنكث والفساد في الأرض فأمّا الناكثون فقد قاتلتُ ، وأمّا القاسطونَ فقد جاهدتُ ، وأمّا المارقة فقد دَوَّختُ» (٣).
__________________
١ ـ صرح جماعة منهم ابن هشام وابن مالك بحذفها في غير الضرورة ندورا. راجع أوضح المسالك والألفية ، بحث «أمّا».
٢ ـ شرح أبيات مغني اللبيب : ١/١٣٩ وشرح شواهد المغني : ١/١٧٧.
٣ ـ نهج البلاغة : ط ٢٣٤/٨١٠.