وفي أدب الكتاب للصولي أنهم يختارون أن يبدأ الكاتب بالبسملة من حاشية القرطاس ثم يكتب الدعاء مساويا لها ويستقبحون أن يخرج الكلام عن البسملة فاضلا بقليل ولا يكتبونها وسطا ويكون الدعاء فاضلا ا ه.
وما ذكر من كتابة الدعاء بعدها لم يكن في الصدر الأول وإنما كان فيه كتابة من فلان إلى فلان.
وتقديم اسم الكاتب على اسم المكتوب له مشروع وإن كان الأول مفضولا والثاني فاضلا ، ففي البحر عن أنس ما كان أحد أعظم حرمة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان أصحابه إذا كتبوا إليه كتابا بدءوا بأنفسهم.
وقال أبو الليث في البستان له : ولو بدأ بالمكتوب إليه جاز لأن الأمة قد أجمعت عليه وفعلوه انتهى.
وظاهر الآية أن البسملة ليست من الخصوصيات ، وقال بعضهم : إنها منها لكن باللفظ العربي والترتيب المخصوص ، وما في كتاب سليمان عليهالسلام لم تكن باللفظ العربي وترجمت لنا به وليس ذلك بعيد.
وقرأ عبد الله «وإنه من سليمان» بزيادة واو ، وخرجه أبو حيان على أنها عاطفة للجملة بعدها على جملة (إِنِّي أُلْقِيَ) ، وقيل : هي واو الحال والجملة حالية ، وقرأ عكرمة وابن أبي عبلة «أنه من سليمان وأنه» بفتح همزة أن في الموضعين ، وخرج على الإبدال من (كِتابٌ) أي ألقي إلي أنه إلخ أو على أن يكون التقدير لأنه إلخ كأنها عللت كرم الكتاب بكونه من سليمان وبكونه مصدرا باسم الله عزوجل ، وقرأ أبي «أن من سليمان وأن بسم الله» بفتح الهمزة وسكون النون ، وخرج على أن أن هي المفسرة لأنه قد تقدمت جملة فيها معنى القول أو على أنها المخففة من الثقيلة وحذفت الهاء. و (أن) في قوله تعالى : (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَ) يحتمل أن تكون مفسرة ولا ناهية. ويحتمل أن تكون مصدرية ناصبة للفعل ولا نافية ، وقيل : يجوز كونها ناهية أيضا ، ومحل المصدر الرفع على أنه بدل من (كِتابٌ) أو خبر لمبتدإ مضمر يليق بالمقام أي مضمونه أن لا تعلوا عليّ أي أن لا تتكبروا عليّ كما يفعل جبابرة الملوك ، وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في رواية وهب بن منبه والأشهب العقيلي «أن لا تغلوا» بالغين المعجمة من الغلو وهي مجاوزة الحد أي أن لا تتجاوزا حدكم (وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) عطف على ما قبله فإن كانت فيه لا ناهية فعطف الأمر عليه ظاهر وإن كانت نافية وأن مصدرية فعطفه عليه من عطف الإنشاء على الأخبار والكلام فيه مشهور ، والأكثرون على جوازه في مثل هذا. والمراد بالإسلام الإيمان أي وأتوني مؤمنين ، وقيل : المراد به الانقياد أي ائتوني منقادين مستسلمين. والدعوة على الأول دعوة النبوة وعلى الثاني دعوة الملك واللائق بشأنه عليهالسلام هو الأول.
وفي بعض الآثار كما ستعلم إن شاء الله تعالى ما يؤيده. ولا يرد أنه يلزم عليه أن يكون الأمر بالإيمان قبل إقامة الحجة على رسالته فيكون استدعاء للتقليد لأن الدعوة المذكورة هي الدعوة الأولى التي لا تستدعي إظهار المعجزة وإقامة الحجة ، وعادة الأنبياء عليهمالسلام الدعوة إلى الإيمان أولا فإذا عورضوا أقاموا الدليل وأظهروا المعجزة ؛ وفيما نحن فيه لم يصدر معارضة ، وقيل : إن الدعوة ما كانت إلا مقرونة بإقامة الحجة لأن إلقاء الكتاب إليها على تلك الحالة التي ذكرت فيما مر أولا معجزة باهرة دالة على رسالته عليهالسلام دلالة بينة. وتعقب بأن كون الإلقاء المذكور معجزة غير واضح خصوصا وهي لم تقارن التحدي ؛ ورجح الثاني بأن قولها : (إِنَّ الْمُلُوكَ) إلخ صريح في دعوة الملك والسلطنة.
وأجيب بأن ذاك لعدم تيقنها رسالته عليهالسلام حينئذ أو هو من باب الاحتيال لجلب القوم إلى الإجابة بإدخال الروع عليهم من حيثية كونه عليهالسلام ملكا وهذا كما ترى ، والظاهر أنه لم يكن في الكتاب أكثر مما قص الله تعالى وهو إحدى الروايتين عن مجاهد ، وثانيتهما أن فيه ـ السلام على من اتبع الهدى أما بعد فلا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين