وصدعت به السنّة وأجمعت عليه الأمة فيكفر مدعي خلافه ويقتل إن أصر.
ومن السنة ما أخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا بناه فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين» وصح عن جابر مرفوعا نحو هذا ، وكذا عن أبي بن كعب وأبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهم ، وللشيخ محيي الدين بن عربي قدسسره كلام في حديث اللبنة قد انتقده عليه جماعة من الأجلة فعليك بالتمسك بالكتاب والسنّة والله تعالى الحافظ من الوقوع في المحنة ، ونصب (رَسُولَ) على إضمار كان لدلالة كان المتقدمة عليه والواو عاطفة للجملة الاستدراكية على ما قبلها ، وكون لكن المخففة عند الجمهور للعطف إنما هو عند عدم الواو وكون ما بعدها مفردا ، وجوز أن يكون النصب بالعطف على (أَبا أَحَدٍ) وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو «ولكنّ» بالتشديد فنصب «رسول» على أنه اسم لكن والخبر محذوف تقديره ولكن رسول الله وخاتم النبيين هو أي محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقال الزمخشري : تقديره ولكن رسول الله من عرفتموه أي لم يعش له ولد ذكر ، وحذف خبر لكن وأخواتها جائز إذا دل عليه الدليل ، ومما جاء في لكن قول الشاعر :
فلو كنت ضبيا عرفت قرابتي |
|
ولكن زنجيا عظيم المشافر |
أي ولكن زنجيا عظيم المشافر أنت ، وفيه بحث لا يخفى على ذي معرفة ، وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما وابن أبي عبلة بتخفيف «لكن» ورفع «رسول» ـ و«خاتم» أي ولكن هو رسول الله إلخ كما قال الشاعر :
ولست الشاعر السفاف فيهم |
|
ولكن مدرة الحرب العوالي |
أي ولكن أنا مدرة (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ) أعم من أن يكون موجودا أو معدوما (عَلِيماً) فيعلم سبحانه الأحكام والحكم التي بينت فيما سبق والحكمة في كونه عليه الصلاة والسّلام خاتم النبيين.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ) بما هو جل وعلا أهله من التهليل والتحميد والتمجيد والتقديس (ذِكْراً كَثِيراً) يعم أغلب الأوقات والأحوال كما قال غير واحد ، وعن ابن عباس الذكر الكثير أن لا ينسى جل شأنه ، وروي ذلك عن مجاهد أيضا ، وقيل : إن يذكر سبحانه بصفاته العلى وأسمائه الحسنى وينزه عما لا يليق به ، وعن مقاتل هو أن يقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر على كل حال ، وعن العترة الطاهرة رضي الله تعالى عنهم من قال ذلك ثلاثين مرة فقد ذكر الله تعالى ذكرا كثيرا ، وفي مجمع البيان عن الواحدي بسنده إلى الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال : جاء جبريل عليهالسلام إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا محمد قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم عدد ما علم وزنة ما علم وملء ما علم فإنه من قالها كتب له بها ست خصال كتب من الذاكرين الله تعالى كثيرا وكان أفضل من ذكره بالليل والنهار وكن له غرسا في الجنة وتحاتت عنه خطاياه كما تحات ورق الشجرة اليابسة وينظر الله تعالى إليه ومن نظر الله تعالى إليه لم يعذبه كذا رأيته في مدونه فلا تغفل ، وقال بعضهم : مرجع الكثرة العرف.
(وَسَبِّحُوهُ) ونزهوه سبحانه عما لا يليق به (بُكْرَةً وَأَصِيلاً) أي أول النهار وآخره ، وتخصيصهما بالذكر ليس لقصر التسبيح عليهما دون سائر الأوقات بل لأنافه فضلهما على سائر الأوقات لكونهما تحضرهما ملائكة الليل والنهار وتلتقي فيهما كأفراد التسبيح من بين الأذكار مع اندراجه فيها لكونه العمدة بينها ، وقيل : كلا الأمرين متوجه إليهما كقولك : صم وصلّ يوم الجمعة ، وبتفسير الذكر الكثير بما يعم أغلب الأوقات لا تبقى حاجة إلى تعلقهما بالأول