أي وبالسلاسل كما قرئ به أو في السلاسل كما في مصحف أبي ، والفراء على العطف بحسب المعنى إذ الأغلال في أعناقهم بمعنى أعناقهم في الأغلال ، ونظيره قوله :
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة |
|
ولا ناعب إلا ببين غرابها |
ويسمى في غير القرآن عطف التوهم ، وذهب إلى هذا التخريج الزمخشري وابن عطية ، وابن الأنباري بعد أن ضعف تخريج الزجاج خرج القراءة على ما قال الفراء قال : وهذا كما تقول : خاصم عبد الله زيد العاقلين بنصب العاقلين ورفعه لأن أحدهما إذا خاصم صاحبه فقد خاصم الآخر ، وهذه المسألة لا تجوز عند البصريين ونقل جوازها عن محمد ابن سعدان الكوفي قال : لأن كل واحد منهما فاعل مفعول (ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) يحرقون ظاهرا وباطنا من سجر التنور إذا ملأه إيقادا ويكون بمعنى ملأه بالحطب ليحميه ، ومنه السجير للصديق الخليل كأنه سجر بالحب أي ملئ ، ويفهم من القاموس أن السجر من الأضداد ، وكلا الاشتقاقين مناسب في السجير أي ملئ من حبك أو فرغ من غيرك إليك والأول أظهر.
والمراد بهذا وما قبله أنهم معذبوهم بأنواع العذاب سحبهم على وجوههم في النار الموقدة ثم تسليط النار على باطنهم وأنهم يعذبون ظاهرا وباطنا فلا استدراك في ذكر هذا بعد ما تقدم.
(ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ (٧٤) ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (٧٥) ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٦) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٧٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (٧٨) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٧٩) وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٨٠) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ (٨١) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨٣) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ)(٨٥)
(ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) أي يقال لهم ويقولون ، وصيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع ، والسؤال للتوبيخ ، وضلالهم عنهم بمعنى غيبتهم من ضلت دابته إذا لم يعرف مكانها ، وهذا لا ينافي ما يشعر بأن آلهتهم مقرونون بهم في النار لأن للنار طبقات ولهم فيها مواقف فيجوز غيبتهم عنهم في بعضها