وما لي إلا آل أحمد شيعة |
|
وما لي إلا مشعب الحق مشعب |
وذكر قصة إبراهيم عليهالسلام بعد قصة نوح لأنه كآدم الثالث بالنسبة إلى الأنبياء والمرسلين بعده لأنهم من ذريته إلا لوطا وهو بمنزلة ولده عليهماالسلام ، ويزيد حسن الإرداف أن نوحا نجاه الله تعالى من الغرق وإبراهيم نجاه الله تعالى من الحرق (إِذْ جاءَ رَبَّهُ) منصوب بأذكر كما هو المعهود في نظائره ، وجوز تعلقه بفعل مقدر يدل عليه قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ) كأنه قيل : متى شايعه؟ فقيل : شايعه إذ جاء ربه ، وقيل : هو متعلق بشيعة لما فيه من معنى المشايعة. ورد بأنه يلزم عمل ما قبل لام الابتداء فيما بعدها وهم لا يجوزون ذلك للصدارة فلا يقال : إن ضاربا لقادم علينا زيدا ، وكذا يلزم الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي وهو لا يجوز.
وأجيب بأنه لا مانع من كل إذا كان المعمول ظرفا لتوسعهم فيه (بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) أي سالم من جميع الآفات كفساد العقائد والنيات السيئة والصفات القبيحة كالحسد والغل وغير ذلك ، وعن قتادة تخصيص السلامة بالسلامة من الشرك ، والتعميم الذي ذكرناه أولى أو سالم من العلائق الدنيوية بمعنى أنه ليس فيه شيء من محبتها والركون إليها وإلى أهلها ، وقيل سليم أي حزين وهو مجاز من السليم بمعنى اللديغ من حية أو عقرب فإن العرب تسميه سليما تفاؤلا بسلامته وصار حقيقة فيه ، وما تقدم أنسب بالمقام ، والباء قيل للتعدية. والمراد بمجيئه ربه بقلبه إخلاصه قلبه له تعالى على سبيل الاستعارة التبعية التصريحية ، ومبناها تشبيه إخلاصه قلبه له عزوجل بمجيئه إليه تعالى بتحفة في أنه سبب للفوز بالرضا ، ويكتفي بامتناع الحقيقة مع كون المقام مقام المدح قرينة ، فحاصل معنى التركيب إذ أخلص عليهالسلام لله تعالى قلبه السليم من الآفات أو المنقطع عن العلائق أو الحزين المنكسر. وتعقب بأن سلامة القلب عن الآفات لا تكون بدون الإخلاص وكذا الانقطاع عن العلائق لا يكون بدونه. وأجيب بأنهما قد يكونان بدون ذلك كما في القلوب البله. وفي المطلع معنى مجيئه ربه بقلبه أنه أخلص قلبه لله تعالى وعلم سبحانه ذلك منه كما يعلم الغائب وأحواله بمجيئه وحضوره فضرب المجيء مثلا لذلك اه ، وجعل في الكلام عليه استعارة تمثيلية بأن تشبه الهيئة المنتزعة من اخلاص إبراهيم عليهالسلام قلبه لربه تعالى وعلمه سبحانه ذلك الإخلاص منه موجودا بالهيئة المنتزعة من المجيء بالغائب بمحضر شخص ومعرفته إياه وعلمه بأحواله ثم يستعار ما يستعار ، ولتأدية هذا المعنى عدل عن جاء ربه سليم القلب إلى ما في النظم الجليل ، وقيل الباء للملابسة ولعله المتبادر ، والمراد بمجيئه ربه حلوله في مقام الامتثال ونحوه ، وذكر أن نكتة العدول عما سمعت إلى ما في النظم سلامته من توهم أن الحال منتقلة لما أن الانتقال أغلب حاليها مع أنه أظهر في أن سلامة القلب كانت له عليهالسلام قبل المجيء أيضا فليتدبر.
(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ) بدل من إذ الأولى أو ظرف لجاء أو لسليم أي أي شيء تعبدون؟.
(أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) أي أتريدون آلهة من دون الله تعالى إفكا أي للإفك فقدم المفعول به على الفعل للعناية لأن إنكاره أو التقرير به هو المقصود وفيه رعاية الفاصلة أيضا ثم المفعول لأجله لأن الأهم مكافحتهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم.
ويجوز أن يكون (إِفْكاً) مفعولا به بمعنى أتريدون (إِفْكاً) وتكون آلهة بدلا منه بدل كل من كل ، وجعلها عين الإفك على المبالغة أو الكلام على تقدير مضاف أي عبادة آلهة وهي صرف للعبادة عن وجهها. وجوز كونه حالا من ضمير تريدون أي أفاكين أو مفعوله أي مأفوكة. وتعقب بأن جعل المصدر حالا لا يطرد إلا مع أما نحو أما علما فعالم (فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) أي أيّ شيء ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربا للعالمين أشككتم فيه حتى تركتم عبادته سبحانه بالكلية أو أعلمتم أي شيء هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه سبحانه وتعالى أو أي شيء ظنكم