ما قاله أبو حاتم ، قال الأسود : وأخبرني أبو النّدى قال : إن للعرب سبعة أواسط : واسط نجد ، وهو الذي ذكره خداش بن زهير حيث قال :
عفا واسط كلّاؤه فمحاضره |
|
إلى حيث نهيا سيله فصدائره |
وواسط الحجاز ، وهو الذي ذكره كثيّر فقال :
أجدّوا فأما أهل عزّة غدوة |
|
فبانوا وأما واسط فمقيم |
وواسط الجزيرة ، قال الأخطل :
كذبتك عينك أم رأيت بواسط |
|
غلس الظلام من الرّباب خيالا؟ |
وقال أيضا :
عفا واسط من أهل رضوى فنبتل |
|
فمجتمع الحرّين فالصبر أجمل |
وواسط اليمامة ، وهو الذي ذكره الأعشى ، وواسط العراق ، قال : وقد نسيت اثنين ، وأول أعمال واسط من شرقي دجلة فم الصلح ومن الجانب الغربي زرفامية ، وآخر أعمالها من ناحية الجنوب البطائح وعرضها الخيثمية المتصلة بأعمال باروسما وعرضها من ناحية الجانب الشرقي عند أعمال الطيب ، وقال يحيى بن مهدي بن كلال : شرع الحجاج في عمارة واسط في سنة ٨٤ وفرغ منها في سنة ٨٦ فكان عمارتها في عامين في العام الذي مات فيه عبد الملك بن مروان ، ولما فرغ منها كتب إلى عبد الملك : إني اتخذت مدينة في كرش من الأرض بين الجبل والمصرين وسمّيتها واسطا ، فلذلك سمّي أهل واسط الكرشيّين ، وقال الأصمعي : وجّه الحجاج الأطبّاء ليختاروا له موضعا حتى يبني فيه مدينة فذهبوا يطلبون ما بين عين التمر إلى البحر وجوّلوا العراق ورجعوا وقالوا : ما أصبنا مكانا أوفق من موضعك هذا في خفوف الريح وأنف البرّيّة ، وكان الحجاج قبل اتخاذه واسطا أراد نزول الصين من كسكر وحفر بها نهر الصين وجمع له الفعلة ثم بدا له فعمّر واسطا ثم نزل واحتفر النيل والزاب وسمّاه زابا لأخذه من الزاب القديم وأحيا ما على هذين النهرين من الأرضين ومصر مدينة النيل ، وقال قوم : إن الحجاج لما فرغ من حروبه استوطن الكوفة فآنس منهم الملال والبغض له ، فقال لرجل ممن يثق بعقله : امض وابتغ لي موضعا في كرش من الأرض أبني فيه مدينة وليكن على نهر جار ، فأقبل ملتمسا ذلك حتى سار إلى قرية فوق واسط بيسير يقال لها واسط القصب فبات بها واستطاب ليلها واستعذب أنهارها واستمرأ طعامها وشرابها فقال : كم بين هذا الموضع والكوفة؟ فقيل له : أربعون فرسخا ، قال : فإلى المدائن؟ قالوا : أربعون فرسخا ، قال : فإلى الأهواز؟ قالوا : أربعون فرسخا ، قال : فللبصرة؟ قالوا : أربعون فرسخا ، قال : هذا موضع متوسط ، فكتب إلى الحجاج بالخبر ومدح له الموضع ، فكتب إليه : اشتر لي موضعا ابني فيه مدينة ، وكان موضع واسط لرجل من الدهاقين يقال له داوردان فساومه بالموضع فقال له الدهقان : ما يصلح هذا الموضع للأمير ، فقال : لم؟ فقال : أخبرك عنه بثلاث خصال تخبره بها ثم الأمر إليه ، قال : وما هي؟ قال : هذه بلاد سبخة البناء لا يثبت فيها ، وهي شديدة الحرّ والسموم وإن الطائر لا يطير في الجوّ إلا ويسقط لشدّة الحر ميتا ، وهي بلاد أعمار أهلها قليلة ، قال : فكتب بذلك إلى الحجاج ، فقال : هذا رجل يكره مجاورتنا فأعلمه أنّا سنحفر بها الأنهار ونكثر من البناء والغرس فيها ومن الزرع حتى تعذو وتطيب ، وأما