وقرأ عيسى «عرفا» بضمتين نحو نكر في نكر وقرأ ابن عباس «فالملقيات» بالتشديد من التلقية وقيل وهي كالإلقاء إيصال الكلام إلى المخاطب ، يقال : لقيته الذكر فتلقاه. وذكر المهدوي أنه رضي الله عنه قرأ «فالملقّيات» بفتح اللام وتشديد القاف اسم مفعول أي ملقية من الله عزوجل. وقرأ زيد بن ثابت وابن خارجة وطلحة وأبو جعفر وأبو حيوة وعيسى والحسن بخلاف والأعمش عن أبي بكر «عذرا أو نذرا» بضم الذالين. وقرأ الحرميان وأبو عامر وأبو بكر وزيد بن علي وشيبة وأبو جعفر أيضا بسكون الذال في «عذرا» وضمها في «نذرا» وقرأ إبراهيم التيمي «ونذرا» بالواو. وقوله تعالى (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) جواب للقسم وما موصولة وإن كتبت موصولة والعائد محذوف أي إن الذي توعدونه من مجيء القيامة كائن لا محالة ، وجوز أن يراد بالموصول جميع ما تضمنته السورة السابقة وهو خلاف الظاهر جدا (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) أزيل أثرها بإزالة نورها أو بإعدام ذاتها وإذهابها بالكلية وكل من الأمرين سيكون وليس من المحال في شيء وما زعمه الفلاسفة المتقدمون في أمر تلك الأجرام واستحالة التحلل والعدم عليها أوهن من بيت العنكبوت ، وما زعمه المعاصرون منهم فيها وإن كان غير ثابت عندنا إلّا أن إمكان الطمس عليه في غاية الظهور (وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) شقت كما قال سبحانه (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) [الانشقاق : ١] و (يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) [الفرقان : ٢٥] وقيل فتحت كما قال سبحانه (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) [النبأ : ١٩] وأنشد سيبويه :
الفارجي باب الأمير المبهم
ولا مانع من ذلك أيضا سواء كانت السماء جسما صلبا أو جسما لطيفا ، وأدلة استحالة الخرق والالتئام فيها خروق لا تلتئم (وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) جعلت كالحب الذي ينسف بالمنسف ونحوه وبست الجبال بسا وكانت الجبال كثيبا مهيلا قال في البحر : فرقتها الرياح وذلك بعد التسيير وقيل ذلك جعلها هباء وقيل نسفت أخذت من مقارها بسرعة من انتسفت الشيء إذا اختطفته ، وقرأ عمرو بن ميمون «طمّست» و «فرّجت» بتشديد الميم والراء وذكر في الكشاف أن الأفعال الثلاثة قرئت بالتشديد. (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) أي بلغت ميقاتها الذي كانت تنتظره وهو يوم القيامة وجوز أن يكون المعنى عيّن لها الوقت الذي تحضر فيه للشهادة على الأمم وذلك عند مجيئه وحصوله والوجه هو الأول كما قال جار الله وتحقيقه كما في الكشف أن توقيت الشيء تحديده وتعيين وقته فإيقاعه على الذوات بإضمار لأن المؤقت هو الأحداث لا الجثث ، ويجيء بمعنى جعل الشيء منتهيا إلى وقته المحدود وعلى هذا يقع عليها دون إضمار إذا كان بينها وبين ذلك الوقت ملابسة وإنما كان الوجه لأن القيامة ليست وقتا يتبين فيه وقت الرسل الذي يحضرون فيه للشهادة بل هي نفس ذلك الوقت (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) يقتضي ذلك لأنك إذا قلت إذا أكرمتني أكرمتك اقتضى أن يكون زمان إكرام المخاطب للمتكلم هو ما دل عليه (إِذَا) سواء جعل الظرف معموله أو معمول الجزاء أي فلا بد من التأويل ، وقد أشير إليه في ضمن التفسير. وقرأ النخعي والحسن وعيسى وخالد «أقتت» بالهمزة وتخفيف القاف وقرأ أبو الأشهب وعمرو بن عبيد وأبو عمرو وعيسى أيضا «وقّتت» بالواو على الأصل لأن الهمزة مبدلة من الواو المضمومة ضمة لازمة وهو أمر مطرد كما بيّن في محله. وقال عيسى : وقتت لغة سفلى مضر. وقرأ عبد الله بن الحسن وأبو جعفر «وقتت» بواو واحدة وتخفيف القاف. وقرأ الحسن أيضا «ووقتت» بواوين على وزن فوعلت و (إِذَا) في جميع ما تقدم شرطية. وقوله تعالى (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) قيل مقول لقول مقدر هو جواب (إِذَا) أي يقال (لِأَيِّ يَوْمٍ) إلخ وجعل التأجيل بمعنى التأخير من قولهم دين مؤجل في مقابل الحال والضمير لما