سورة الأعلى
وتسمى سورة سبح ، والجمهور على أنها مكية وحكى ابن الفرس عن بعضهم أنها مدنية لذكر صلاة العيد وزكاة الفطر فيها ، ورده الجلال السيوطي بما أخرج البخاري وابن سعد وابن أبي شيبة عن البراء بن عازب قال : أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم فجعلا يقرآن القرآن ثم جاء عمار وبلال وسعد ثم جاء عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه في عشرين ثم جاء النبي صلىاللهعليهوسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به عليه الصلاة والسلام حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون : هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد جاء فما جاء عليه الصلاة والسلام حتى قرأت (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) في سور مثلها ثم أن ذكر صلاة العيد وزكاة الفطر فيها غير مسلم ولو سلم فلا دلالة فيه على ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى تفصيله ، وهي تسع عشرة آية بلا خلاف ووجه مناسبتها لما قبلها أنه ذكر في سورة الطارق خلق الإنسان وأشير إلى خلق النبات بقوله تعالي (وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) [الطارق : ١٢] وذكرا هاهنا في قوله تعالى (خَلَقَ فَسَوَّى) [الأعلى : ٢] وقوله سبحانه (أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) [الأعلى : ٤ ، ٥] وقصة النبات هنا أوضح وأبسط كما أن قصة خلق الإنسان هناك كذلك ، نعم إن ما في هذه السورة أعم من جهة شموله للإنسان وسائر المخلوقات وكان صلىاللهعليهوسلم يحبها. أخرج الإمام أحمد والبزار وابن مردويه عن علي كرم الله تعالى وجهه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحب هذه السورة (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وجاء في حديث أخرجه أبو عبيد عن أبي تميم أنه عليه الصلاة والسلام سماها أفضل المسبحات. وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة قالت : كان النبي صلىاللهعليهوسلم يقرأ في الوتر في الركعة الأولى (سَبِّحِ) وفي الثانية (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) وفي الثالثة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) والمعوذتين وفي حديث أخرجه المذكورون وغيرهم إلّا الترمذي عن أبيّ بن كعب نحو ذلك بيد أنه ليس فيه المعوذتان. وأخرج ابن أبي شيبة والإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) و (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا. وأخرج الطبراني عن عبد الله بن الحارث قال : آخر صلاة صلاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم المغرب فقرأ في الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ