سورة قريش
ويقال سورة لإيلاف قريش ، وهي مكية في قول الجمهور مدنية في قول الضحاك وابن السائب ، وآيها خمس في الحجازي وأربع في غيره ، ومناسبتها لما قبلها أظهر من أن تخفى بل قالت طائفة إنهما سورة واحدة واحتجوا عليه بأن أبيّ بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه بالبسملة بما روي عن عمرو بن ميمون الأزدي قال : صليت المغرب خلف عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقرأ في الركعة الأولى والتين ، وفي الثانية ألم تر ولإيلاف قريش من غير أن يفصل بالبسملة ، وأجيب بأن جمعا أثبتوا الفصل في مصحف أبيّ والمثبت مقدم على النافي ، وبأن خبر ابن ميمون إن سلمت صحته محتمل لعدم سماعه ولعله قرأها سرا ، ويدل على كونها سورة مستقلة ما أخرج البخاري في تاريخه والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الخلافيات عن أم هانئ بنت أبي طالب أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «فضل الله تعالى قريشا بسبع خصال لم يعطها أحد قبلهم ولا يعطاها أحد بعدهم : أني فيهم وفي لفظ النبوة فيهم ، والخلافة فيهم ، والحجابة فيهم ، والسقاية فيهم ، ونصروا على الفيل ، وعبدوا الله تعالى سبع سنين. وفي لفظ عشر سنين لم يعبده سبحانه أحد غيرهم ، ونزلت فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها أحد غيرهم لإيلاف قريش». وجاء نحو هذا الأخير في خبرين آخرين أحدهما عن الزبير بن العوام يرفعه والثاني عن سعيد بن المسيب عنه صلىاللهعليهوسلم ويؤيد الاستقلال كون آيها ليست على نمط آي ما قبلها وأنت تعلم أنه بعد ثبوت تواتر الفصل لا يحتاج إلى شيء مما ذكر.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)(٤)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) الإيلاف على ما قال الخفاجي مصدر ألفت الشيء وآلفته من الإلف وهو كما قال الراغب اجتماع مع التئام. وقال الهروي في الغريبين : الإيلاف عهود بينهم وبين الملوك فكان هاشم يؤالف ملك الشام والمطلب كسرى وعبد شمس ونوفل يؤالفان ملك مصر والحبشة. قال : ومعنى يؤالف يعاهد ويصالح ، وفعله آلف على وزن فاعل ، ومصدره إلاف بغير ياء بزنة قبال أو ألف الثلاثي ككتب كتابا ، ويكون الفعل منه أيضا على وزن أفعل مثل آمن ومصدره إيلاف كإيمان ، وحمل الإيلاف على العهود