سورة نوح
مكية بالاتفاق وهي ثمان وعشرون آية في الكوفي وتسع في البصري والشامي وثلاثون فيما عدا ذلك ووجه اتصالها بما قبلها على ما قال الجلال السيوطي وأشار إليه غيره أنه سبحانه لما قال في سورة المعارج (إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ) [المعارج : ٤ ، ٤١] عقبه تعالى بقصة قوم نوح عليهالسلام المشتملة على إغراقهم عن آخرهم بحيث لم يبق منهم في الأرض ديار وبدل خيرا منهم فوقعت موقع الاستدلال والاستظهار لتلك الدعوى كما وقعت قصة أصحاب الجنة في سورة ن موقع الاستظهار لما ختم به تبارك هذا مع تواخي مطلع السورتين في ذلك العذاب الموعد به الكافرون ووجه الاتصال على قول من زعم أن السائل هو نوح عليهالسلام ظاهر وفي بعض الآثار ما يدل على أن النبي صلىاللهعليهوسلم يقرؤها على قوم نوح عليهالسلام يوم القيامة أخرج الحاكم عن ابن عباس مرفوعا قال : «إن الله تعالى يدعو نوحا وقومه يوم القيامة أول الناس فيقول : ما ذا أجبتم نوحا؟ فيقولون : ما دعانا وما بلّغنا ولا نصحنا ولا أمرنا ولا نهانا ، فيقول نوح عليهالسلام : دعوتهم يا رب دعاء فاشيا في الأولين والآخرين أمة بعد أمة حتى انتهى إلى خاتم النبيين أحمد صلىاللهعليهوسلم فانتسخه وقرأه وآمن به وصدقه فيقول الله عزوجل للملائكةعليهمالسلام : ادعوا أحمد وأمته فيدعونهم فيأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأمته يسعى نورهم بين أيديهم فيقول نوح عليهالسلام لمحمد صلىاللهعليهوسلم وأمته : هل تعلمون أني بلغت قومي الرسالة واجتهدت لهم بالنصيحة وجهدت أن أستنقذهم من النار سرا وجهارا فلم يزدهم دعائي إلّا فرارا؟ فيقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأمته : فإنّا نشهد بما أنشدتنا أنك في جميع ما قلت من الصادقين. فيقول قوم نوح عليهالسلام : وأنى علمت هذا أنت وأمتك ونحن أول الأمم وأنت آخر الأمم ، فيقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) [نوح : ١] حتى يختم السورة ، فإذا ختمها قالت أمته نشهد إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم. فيقول الله عزوجل عند ذلك : امتازوا اليوم أيها المجرمون»
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١) قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا