إذا وبعد استعراض حلقات هذه المنظومة الوراثية الدقيقة والمتراصة يمكن فهم أبعاد اكتشاف كل جينات الإنسان وجعلها محددة ومحصاة ومدروسة بشكل كامل ، ومعرضة لأية أبحاث ممكنة في المستقبل. فالهدف الأهم من هذا المشروع هو فهم بيولوجية الإنسان واكتشاف الوظائف المختلفة للجينات والتعرف على الجينات المختصة بالأمراض المختلفة ، كالسرطان وداء السكري وأمراض الأوعية الدموية والأمراض العصبية والعقلية. كما يهدف المشروع لمعرفة عوامل وأسباب التطور البيولوجي والعمليات الكيميائية والوظائف الفسيولوجية المختلفة.
وهكذا وعند استكمال المشروع سيكون للإنسان القدرة على معرفة المرض ومنعه قبل حصوله وعلاج الخلل الوراثي قبل ظهور أعراضه. ولكن الأمر لن يكون النهاية فالأمراض والعوامل الوراثية تتحكم بها العوامل البيئية والجين المسئول عن أي خلل أو مرض يبدأ نشاطه مع تعرض الإنسان لمثيرات معينة عادة ما تكون بيئية كالتعرض للإشعاعات والمبيدات والتدخين والتلوث ، وقد يحدث التفاعل في مرحلة عمرية مبكرة أو متأخرة.
خلق الله الإنسان وعلمه ما لم يعلم وكشف له الحجب شيئا فشيئا ، حتى صار يكتشف أسرار الخلق ويسعى في فهمها والتبحر بعوالمها وآفاقها. ولم يقف الإنسان المكتشف لأسرار الأشياء موقف المتفرج المشاهد المتأمل ؛ بل راح يسعى في تفكيك الرموز والحلقات وتتبع المراحل والدرجات المتسلسلة في تفاعلات الأشياء ومكنوناتها ، وصار يخطط لتفادي الحوادث والاختلالات الطارئة فيرصدها ويحددها ويبحث عن علاجها. وما الجينوم البشري والدراسات المتعاقبة خلفه وقبله والمشاريع المخططة والمرصودة حوله وبعده إلا خطوة متقدمة على هذا الطريق الطويل المليء بالأسرار والأسئلة.