وقد ظهر من ذلك (١) ضعف ما قوّاه بعض من عاصرناه من القول بالبطلان ، متمسّكا بظاهر الإجماعات والأخبار المحكية على المنع والنهي ، قال : «وهو موجب للبطلان وإن كان لحقّ الغير ، إذ العبرة بتعلق النهي بالعقد (٢)
______________________________________________________
إيضاح النافع ، ولا بد من مزيد التتبع.
(١) أي : وقد ظهر من الوجوه المتقدمة ـ الدالة على صحة عقد الراهن ـ ضعف القول الآخر الذي اختاره صاحب المقابس قدسسره ، فإنّه ذكر أوّلا اقتضاء الأصل والعمومات والأولوية الصحة ، ثم قال : «ولا يخفى أنّ هذه الأدلة بأسرها مدخولة ، لما تقدم من نقل جماعة منهم الإجماع على كونه ـ أي الراهن ـ ممنوعا من التصرف ، واتفاق كلمة الأصحاب عليه ، كما سبق ، وحكاية الشيخ ورود الأخبار بذلك ، ونقل العلّامة رواية نبوية فيه. وظهر أنّه ـ أي المنع ـ المناسب للغرض الباعث على وضع عقد الرهن ، فإذن لا محيص من القول بالمنع ، وهو موجب للبطلان وإن كان لحقّ الغير ...» (١) إلى آخر ما نقله المصنف عنه.
وكلامه يقع في مقامين ، أحدهما : استدلاله على فساد بيع الراهن ، وثانيهما : ردّ الوجوه المستدلّ بها على الصحة.
(٢) هذا شروع في المقام الأوّل ، وتوضيحه : أنّ النهي المتعلق بالمعاملة لأمر داخل فيها ـ كالنهي عنها لصيرورة أحد العوضين متعلق حق غير المتعاقدين ، كتعلق حق المرتهن بالمبيع الموجب للنهي عن بيعه ـ يوجب فسادها.
نعم ، إذا تعلّق بأمر خارج عنها كالنهي عن المعاملة وقت النداء ـ إذ النهي عنها يكون لأجل الصلاة ، لا لتعلق حق شخص بأحد العوضين ـ لم يقتض فسادها.
فكأنّه قال : النهي تعلق بالمعاملة لأمر داخل فيها ، وكلّما كان كذلك يفسدها ، فبيع الراهن باطل لا موقوف ، كالنهي عن بيع الوقف وأمّ الولد ، لتعلق حق الموقوف عليه بالموقوفة ، وتعلق حق الاستيلاد بامّ الولد.
__________________
(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ١٠٨.