ككلامه الآخر (١) في شرح الإرشاد ، حيث ذكر في مسألة تعيّن الأثمان بالتعيين
______________________________________________________
وكذا في جعل الجزاف في مال الإجارة والمضاربة من موارد الخلاف ، إذ الظاهر عدم التسامح في ذلك ، والالتزام بالبطلان فيها عند المشهور.
(١) الغرض من نقل كلام الشهيد قدسسره التنبيه على المسامحة في تعريف الغرر «بالاحتمال المجتنب عنه عند العرف بحيث يوبّخ على مخالفته».
وتوضيح ما أفاده في شرح الإرشاد هو : أنّهم ذكروا في فروع بيع الصرف أنّ الثمن يتعيّن بالتعيين ، ولا يجوز للمشتري الإبدال ، بل عليه تسليم ما عيّنه ثمنا ، خلافا لجماعة من أهل الخلاف ، حيث قالوا بعدم تشخصه ، وبقائه كلّيّا ، بدعوى صيرورة البيع ـ مع كون الثمن شخصيّا ـ غرريّا ، فيفسد.
ووجه كونه غرريا احتمال تلفه قبل إقباضه للبائع ، أو ظهور كونه مستحقا للغير ، فيبطل البيع. بخلاف ما لو كان الثمن كلّيّا ، فإنّه لا بقدح في الصحة ، ويجب الوفاء بالعقد بتسليم فرد آخر من الجنس.
قال العلّامة قدسسره : «الدراهم والدنانير تتعيّنان بالتعيين ، فلو باعه بهذه الدراهم أو بهذه الدنانير لم يجز للمشتري الإبدال بمثلها ، بل يجب عليه دفع تلك العين ، كالمبيع. ولو تلفت قبل القبض انفسخ البيع ، ولم يكن له دفع عوضها ـ وإن ساواه ـ مطلقا ، ولا للبائع طلبه ... وبه قال الشافعي وأحمد ، لاختلاف الأغراض بإختلاف الأشخاص ... وقال أبو حنيفة : لا يتعين بالعقد ، بل تتعين بالقبض ، ويجوز إبدالها بمثلها ، وإذا تلفت قبل القبض لا ينفسخ العقد ...» (١).
ونقل الشهيد قدسسره استدلال القائل بعدم تعيّن الثمن ـ بتعيين المتبايعين ـ بحديث النهي عن الغرر ، والمفروض انطباق الغرر عليه ، لاحتمال تلف هذا الشخص المعيّن أو ظهور كونه ملكا لغير المشتري.
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ، ج ١٠ ، ص ٤٢٧ ـ ٤٢٨.