ثم لا إشكال في اعتبار قدرة العاقد إذا كان مالكا (١) ، لا ما إذا كان وكيلا
______________________________________________________
(١) هذا خامس تنبيهات المسألة وآخرها ، والغرض من التعرض له تحقيق من يعتبر قدرته على التسليم ، توضيحه : أنّ العاقد قد يكون مالكا ، فيشترط تمكنه من التسليم كما تقدم ، وقد يكون وكيلا عن المالك ، وهل يعتبر قدرته على الإقباض أم تعتبر في موكّله؟ فيه تفصيل بين نحوي التوكيل.
فإن كان وكيلا في مجرد إجراء الصيغة ـ لا في مقدمات العقد ولوازمه ـ اعتبر تمكن الموكّل ، لأنّه المخاطب بالوفاء بالعقد ، دون الوكيل ، لانتهاء مهمّته بنفس الإنشاء. فلو عجز الموكّل عن التسليم وتمكّن الوكيل منه بطل البيع.
وإن كان وكيلا مفوّضا في التصرف في أموال الموكّل ، أو كان مأذونا في إجراء العقد ولوازمه كالتسليم والأخذ بالخيار ونحوهما ، بحيث يصدق عليه عرفا أنه أحد المتبايعين ـ وكان الموكّل أجنبيا عن هذه المعاملة ـ كفى قدرة هذا الوكيل ، ضرورة أن الشرط ـ وهو التمكن ـ أعم من كونه بالمباشرة وبالاستنابة ، فإقباض الوكيل إقباض موكّله.
ولو كان الوكيل المأذون في لوازم العقد عاجزا عن التسليم ، وموكّله متمكنا منه ، ففيه احتمالات :
الأوّل : كفاية قدرة المالك ، وعدم قدح عجز العاقد ، لأعمية التسليم المعتبر من المباشري والاستنابي.
الثاني : عدم كفايتها ، فيبطل البيع.
الثالث : التفصيل بين كون المشتري عالما بعجز العاقد وبقدرة المالك فيصحّ ، وبين عدم علمه بذلك فيبطل. وهذا الوجه مختار المصنف ، بلا فرق بين رضا المالك برجوع المشتري عليه للتسلّم ، أو رضا المشتري برجوعه إلى المالك ، وبين عدم رضا كل منهما بالرجوع إلى الآخر ، خلافا لمن قيّد الصحة بالرضا كما سيأتي.