قوة كهربية ، ولا يمكن في حالة إسراء الله بعبده أن تجري أحكام الحواس ولا أحكام المادة».
وبعد أن يستشهد الدكتور بوجهة نظر الدكتور عبد الحليم محمود في كتابه دلائل النبوة ، ورفضه لمفهوم السلالم للعروج إلى السماء ، مستندا إلى أن العلم الحديث أثبت «أن المادة الصلبة مجرّد كهارب في رتبة اهتزاز معينة» ، وأن الذين يريدون أن يفسّروا الإسراء والمعراج بالتصوّر المادي بالمطيّة للإسراء والسلالم للمعراج بسبب جهلهم هذه الحقيقة التي لو عرفوها «لما خدعتهم حقيقة المادة الصلبة التي تشبّثوا بها في الإسراء على البراق والمعراج على السلالم ، ولأمكنهم أن يتصوّروا إمكان الإسراء بلا مطية والصعود إلى السماء بلا سلالم».
بعد هذا ، يعود الدكتور عبد العليم ليناقش مسألة الزمن التي أنكر المشركون حدوث الإسراء بناء عليها ، فيقول «إننا إذا تخلّصنا من هذه الأرض المادية واحتللنا مكانا مستقلا لا يربطنا بجاذبيتها ولا بقوانينها ، فسوف لا نشعر بالزمن الذي تعوّدنا عليه ولا يصبح للعمر لدينا أي معنى ، لأننا لن نعرف سوى اللازمن ، أي الخلود ، لا ماضي ، لا مستقبل ، ولكن الحاضر وحده هو الذي نعيش فيه» ، ويستنتج الدكتور بأن رحلة الإسراء والمعراج في واقعها إنما هي «رحلة كونية إلهية لا يمكن حسابها زمنا أو بعدا أو وسيلة بحسابات البشر ، إنها رحلة فضائية كاملة تخطّت أبعاد الزمان والمكان من مكّة إلى بيت المقدس ، وتمّت الرحلة إلى السماوات العلى وبقايا دفء فراش الرّسول موجودة». وبعد أن يقارن الدكتور بين رحلة الإنسان إلى القمر وغزوه للفضاء بسفن فضائية تحمل أجهزة إلكترونية للدراسات العلمية عن المريخ والزهرة والمشتري ، ومسألة الإسراء والمعراج ، يصل إلى أن كل هذه الاكتشافات لا تفسّر روعة السرعة التي تمّت بها رحلة الإسراء والمعراج ، لذا نراه يعتقد «أن السفينة الإلهية ، التي حملت محمّدا عليه الصلاة والسّلام وجبريل ، قد اخترقت دوائر بلايين المجرات حتى تصل إلى السماوات العلى وسدرة المنتهى».
وللدلالة على استحالة تفسير هذه الرحلة الكونية الإلهية يتعرّض الدكتور لشرح مساحة الكون الكبير كما اكتشفه علم الفضاء والفلك حديثا ، والذي حتى الضوء بسرعته الخرافية يحتاج إلى ملايين السنين الضوئية لكي يقطعه ، فكيف قطعه الرّسول الكريم في ساعات معدودة؟
إن الإعجاز الحقيقي للإسراء والمعراج يظهر في العلم الحديث حينما نعرف مساحة الكون اللانهائية كما اكتشفها العلم الحديث. فإذا كان الكفار قد اعترضوا