أنه نبي ، وأنا خاتم النبيين ، لا نبي بعدي).
إذن ، فمن معاني شمولية الرسالة الإسلامية للخلق كلهم منذ بعث الرسول صلىاللهعليهوسلم حتى قيام الساعة أن تكون هذه الرسالة هي خاتمة الرسالات ، وبالتالي يجب أن تكون كاملة لا تحتاج إلى نبي آخر يرسل ليستدرك على رسولنا الكريم ما فاته ، كما هي حال جميع الرسل السابقين الذين كان النبي اللاحق يستدرك على النبي السابق فينسخ من شريعته ما ينسخ بأمر الله ، كما أنّ من معاني خاتم النبيين أن يكون مرسلا وداعيا جميع الخلق ، حتى بعد وفاته ، إلى طريق الله ، وأن يكون دليل صدق نبوّته قائم على الأجيال اللاحقة حتى قيام الساعة ، ولا يكون هذا إلا بأن تكون له معجزة قائمة دائمة تبرهن على صدقه وصدق رسالته إلى هذه الأجيال ، وتتحدى ، كمعجزة ، كل العصور والأزمان حتى قيام الساعة.
لقد دعا الرسول الكريم في حياته جميع الخلق الذين عاصروه في حياته إلى الإيمان بالله ، وآمن به من آمن من الإنس والجن كما هو مذكور في القرآن (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) [الأحقاف / ٢٩]. فقد أدى الأمانة كما أمره الله بها ، وتوفي الرسول صلىاللهعليهوسلم وارتد من العرب من ارتدّ ، ثم بعد حروب الردة رجع إلى الإسلام من رجع ، وكانت معجزة الرسول صلىاللهعليهوسلم هي القرآن ، وكانت تتحدّى العالم كله إنسا وجنا منذ نزولها وستبقى حتى قيام الساعة ، تقوم بعملية التحدي لأن يؤتى بمثلها ، وهكذا فإن الرسول الكريم بصفته خاتم الأنبياء ، جاء بمعجزة قائمة دائمة مستمرة في تحدّيها ، ولا تنتهي عجائبها حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
إذن ، فالقرآن العظيم هو المعجزة الدائمة للرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهو الذي عليه أن يتعامل مع مختلف الأجيال الإنسانية ومختلف الحضارات اللاحقة لعصر النبوّة ومختلف المستجدات التي تحصل للإنسان والكائنات عموما ، ومهما توصّل الإنسان في أبحاثه وعلومه واكتشافاته فعلى القرآن أن يبقى معجزا في كل هذه الأحوال والأماكن والموضوعات ، فكيف يكون ذلك الإعجاز والقرآن كلمات معدودة لمعاني فسّرها المفسرون القدامى وأشبعوها بحثا؟ كيف يكون ذلك الإعجاز وقد ذهبت الفصاحة والبلاغة مع أهلها في ذلك الزمان ، وذهب التحدي القائم عليها ، والذي كان أساس الإعجاز في نزول القرآن أوّلا عليهم؟ كيف سيكون الإعجاز وهو دليل صدق نبوة النبي ، ودليل كون القرآن من الله معا إذا كان العصر ، مثل عصرنا ، عصر معرفة وعلوم وتكنولوجيا واكتشافات في الفضاء والذرة والحياة؟ أليست المعجزة وكل معجزات