البعد التاريخي
الإعجاز العلمي من كتب الإعجاز
حتى التفسير العصري
لو حاولنا أن نرجع في التاريخ إلى الوراء إلى زمن النبوّة وما بعدها ، للتعرف على كيفية تصور القرآن عندهم لوجدنا ما يعيننا على التأصيل الفكري للإعجاز العلمي للقرآن ، وأنه كانت هناك بدايات لتفسير القرآن علميّا وضمن مفردات كل عصر ، وما وصل إليه من تطور هذه العلوم آنذاك ، ففي الحديث النبوي عن علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، ورد هذا الحديث (١) قال : (أما إني قد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : ألا إنها ستكون فتنة ، فقلت : ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال : كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق على كثرة الرّدّ ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) [الجن / ١ ، ٢] من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ...) ... لعل هذا أقدم أثر لحديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن القرآن ، فهو لا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه ... ويروى أيضا عن علي بن أبي طالب في وصفه للقرآن أنه قال (٢) : «القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به ، وهو آمر زاجر وصامت ناطق وحجّة الله على خلقه ، أنزله الله نورا لا تطفأ مصابيحه ، وسراجا لا يخبو توقّده ، وبحرا لا يدرك قعره ، جعله الله ريّا للعلماء وربيعا لقلوب الفقهاء ومحاجّ لطرق الصلحاء ودواء ليس بعده داء ، وهو كتاب الله بين أظهركم ، ناطق لا يعيا لسانه ، وبيت لا تهدم أركانه وعزّ لا تهدم أعوانه».
__________________
(١) التاج الجامع للأصول ـ منصور علي ناصف ، ج ٤ ص ٧.
(٢) تفسير مفردات القرآن ـ سميح عاطف الزين ، ص ٧.