التطبيق العملي
من نظرية المنهج إلى التطبيقات العملية
لقد كانت بعض التجارب الفاشلة ، التي ذكرناها سابقا والتي وقع بها المفسرون للقرآن تفسيرا علميا ، قد دفعت بعض العلماء والفقهاء لأن يقف موقف المعارض للتفسير العلمي ، وذلك كان لا بسبب عدم قبول القرآن للتفسير العلمي وإنما لأن الذين فسّروه آنذاك لم يلتزموا بالضوابط المحددة ، سواء للتفسير بشكل عام وللتفسير العلمي بشكل خاص ، ولذلك وقعوا في أخطاء كثيرة في مقابلة الآية القرآنية للحقيقة العلمية ، ولأن حماستهم الزائدة دفعتهم ، بمناسبة وغير مناسبة ، لحمل آيات القرآن على المكتشفات والقوانين العلمية الحديثة مما جعلها تخرج بالآيات القرآنية عن معانيها اللغوية ومدلولاتها الشرعية ، وتنحرف بها عن الغاية والهدف الساميين اللذين جاءت من أجلهما ، ومما جعلها أيضا تقع في كثير من المتناقضات حتى وصف أحد الكتاب عملهم بأنه (١) «أشبه بالعبث منه بالدفاع عن القرآن أو إظهار إعجازه ، بل ربما أوقع القرآن في تناقض خطير بسبب تأييده لنظريتين متناقضتين بدون ضابط أو قانون من لغة أو شرع». وبعد أن حددنا شروط التفسير العلمي وضوابطه ، فلنأخذ نموذجا جيدا من التفسيرات العلمية التي التزمت بالضوابط المحددة لمثل هذا التفسير ، بل ووضع هذا النموذج تحت عنوان (المعجزة القرآنية) للدلالة على مدى الثقة التي يوليها لهذا الجانب من التفسير للقرآن.
يبدأ الدكتور محمد حسن هيتو كتابه المعجزة القرآنية (الإعجاز العلمي والغيبي) بمقدمة يبني عليها الكتاب ومنهج الكتاب ، وهي عن علاقة النبوة بالمعجزة وعلاقة شمولية الرسالة بختم النبوة فيقول (٢) : «إن نبينا عليه الصلاة والسلام هو النبي الخاتم للنبوة ، ورسالته هي الخاتمة للرسالات ، وأنها باقية إلى يوم القيامة ، وعامة لكل الأمم في كل زمان ومكان ، ولذلك كان لا بد للمعجزة من البقاء ليعاينها كل من آمن أو دعي إلى الإيمان إلى يوم القيامة». وبعد أن يذكر أن هناك أنواعا متعددة من
__________________
(١) المعجزة القرآنية ـ د. محمّد حسن هيتو ، ص ١٥٢.
(٢) المصدر السابق ، ص ٩٠٧.