أو يعلمونه رضي الله عنهم. ولكن هل هذا الذي ذكروه هو كل ما نستفيده من هذه الآيات التي تتحدث عن خلق الزوجين؟ الجواب وبكل تأكيد : لا ، وهذا الذي يشير إليه تعالى في سورة يس (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) [يس / ٣٦].
إذن ، فليس الأمر في خلق الزوجين مقصورا على ما كان معروفا للناس في القديم ، وإنما هناك أشياء أخرى خلقها الله زوجين زوجين مما لم يعرفه الإنسان القديم ، وكشفت عنه العلوم الحديثة ، بوسائلها العلمية الدقيقة المذهلة المعاصرة ، التي أعطت الإنسان من القدرة على الإدراك أضعاف ما كان يملكه الإنسان القديم آلاف المرات ، من المجاهر الألكترونية والمقاييس الدقيقة الحساسية ، وسفن الفضاء والقوانين العلمية. فلقد توصل العلماء في العصر الحديث إلى إدراك الكثير والكثير من خلق الأزواج مما كان مجهولا في الماضي ، ومما نفهم به معنى جديدا في قوله تعالى (وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) بل لنفهم ما هذه الآية وما في معناها أنها يستحيل أن تكون من قول البشر ، وإنما هي من قول خالق الأرض والسماء وعالم السّرّ والعلن ، إذ أخبرت عن الزوجية في أشياء لم يكن أهل العصر الأول يعرفونها ، وإنما هي من معارف هذا العصر ، كما أخبرت الآيات التي معناها بأن الزوجية في كل شيء يمكن للإنسان أن يضع يده عليه ، فإن أدرك الزوجية به فبها ونعمت ، وإلا فسيدركها الجيل والأجيال القادمة بما يمكن أن يتوصلوا إليه من معارف ووسائل ، ولذلك فإنه يجب عليه أن يتابع البحث عنها.
بعد هذا التقديم ، يقوم الدكتور هيتو بعقد فصول الزوجية في كل شيء كما كشفتها العلوم المعاصرة ، فيعقد فصلا حول الزوجية في الإلكترون أو الكون والكون النقيض ، وفصل حول الزوجية في الخلية الجنسية ، وفصل حول الزوجية في الكروموسومات ، وفصل حول الزوجية في الكروموسومات في الخلية الجنسية ، وفصل حول الزوجية في الجينات وراء الزوجية في الكروموسومات ، وفصل حول الزوجية في تكوين الجينة نفسها وراء سر مجيئها أزواجا ، وفصل حول الزوجية في تركيب أشرطة الجينة وراء سر الزوجية ، وهو بهذا يجعل اكتشافات العلم في جميع هذه المفردات العلمية تتحدث عن الزوجية مصداقا لقول الله سبحانه وتعالى في الآيات المذكورة سابقا ، بل يصل إلى حد أن العلم بعد هذه الاكتشافات للزوجية في كل شيء ، بدأ يبني كل افتراضاته ، حتى النظرية ، على هذا الأساس ، ومن ثم يأتي العلم بتجاربه مؤكدا لهذه الافتراضات ومصدقا.