ما أحبّ الباطل شابّا ولا كهلا
في ليلة العاشر من المحرّم ، ضرب للحسين عليهالسلام فسطاط ، ليطلي بالمسك والنّورة ، ولمّا دخله وقف برير بن خضير الهمداني ، وعبد الرّحمن ابن عبد ربّه الأنصاري تختلف مناكبهما ، يتضايقان ، ليسبق كلّ واحد صاحبه إلى فاضل المسك ، فيفوز بما لمسته أنامل الطّهر والقداسة ، فيعبق نشره مع نشر الدّم الزّكي ، دم الشّهادة والتّضحية ، قال راوي الحديث : فأخذ برير يهازل عبد الرّحمن ويضاحكه فأجابه عبد الرّحمن دعنا ، فو الله ما هذه بساعة باطل.
قال برير : والله لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل شابّا ولا كهلا (١). ولكنّي لمستبشر بما نحن لاقون ، والله ما بيننا وبين الحور العين إلّا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم ، وودّدت أنّهم مالوا علينا السّاعة (٢).
أنّ الباطل في عرف القدّيسين مثل عبد الرّحمن وبرير أن يختار الإنسان الحسن مع القدرة على الأحسن ، فذكر الله في هذه السّاعة الّتي هي أشبه ما تكون
__________________
ـ المتنبي كما في الدّيوان : ٥٨٦ ، وتارة ثالثة إلى الشّريف المرتضي كما في التّرجمة.
(١) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٢١ ، البداية والنّهاية : ٨ / ١٩٣ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١١٥.
(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ٥ / ٤٢١ و ٤٢٣ ، الفتوح لابن أعثم : ٣ / ١٠٦ ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٣٧ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١١٢.