لأيّامه الشّريفة ، ومقاماته الكريمة ، ومناقبه السّنية ، لأفنينا في ذلك الطّوامير ، العرق صحيح ، والمنشأ كريم ، والشّأن عظيم ، والعمل جسيم ، والعلم كثير ، والبيان عجيب ، واللّسان خطيب ، والصّدر رحب ، وأخلاقة وفق أعراقه ، وحديثه يشهد لقديمه» (١).
إسلام أبي طالب :
ولا بدّ من كلمة في اسلام أبي طالب ، ونحن نتحدث عن نسب حفيدته السّيّدة زينب. وقد اشتهر بين السّنّة أنّه مات على غير الإسلام ، وأجمعت كلمة الشّيعة على أنّه مات مسلما ، ولكنّى نعرف الحقّ مع أي جانب من الطّائفتين ينبغي التّمهيد بما يلي :
١ ـ إذا اتّفقت كلمة المسلمين جميعا السّنّة والشّيعة على شيء ، كان اتّفاقهم دليلا بنفسه لا يحتاج معه إلى البحث والنّظر ، وكان لكلّ مسلم أن يجزم ويعتقد بما اتّفقوا عليه دون قيد أو شرط ، وبدون ترو وتريث ، فلو قال قائل : أنّ أبا جهل مات على غير السّلام ، فلا يحقّ لأحد أن يعترض عليه ، ويطلب منه التّثبت قبل الحكم بكفره ، لأنّ المفروض اتّفاق الجميع على ذلك ، وعدم وجود قولين ، ليجب النّظر ، والتّدقيق في أي القولين أصح ، ... وأي الدليلين أقوى؟.
أمّا إذا اختلف المسلمون فيما بينهم ، وذهبت كلّ طائفة إلى رأي فيجب حينئذ البحث والنّظر ، ومن جزم وحكم بدون تثبت ، ولمجرد الإعتماد على الشّهرة عند أحد الفريقين فهو مقلّد جاهل ، إذ ليس كلّ ما هو موجود واقعا يجب أن يشتهر ،
__________________
(١) انظر ، مئة منقبة للجاحظ : ٦٥ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١ / ٤٥.